قاموس القديسين و الشخصيات حرف ج

هذا الفصل هو جزء من كتاب: قاموس القديسين و الشخصيات التاريخية.

إضغط للذهاب لصفحة التحميل


ج

جاتيان الأسقف القديس

يروي القديس غريغوريوس أسقف تور Tours أن القديس جاتيان هو أحد الأساقفة الستة الذين أتوا إلى بلاد الغال من روما لتبشيرها، وذلك حوالي منتصف القرن الثالث. وكانت كرازته أساسًا في تور Tours، ولذلك يُعتبر مؤسس هذه الكنيسة وأول أسقف عليها. وبعد أن خدم بأمانة مدة حوالي خمسين سنة تنيح بسلام نحو سنة 301م.

Butler, December 18.

جاّلا الشهيد

جندي روماني في بيزنطة Byzantium استشهد حوالي سنة 303م، وهو أحد الشهداء الكثيرين الذكورين في الثامن من شهر مايو مع القديس أكاكيوس أو أغاتيوس Acacius or Agatius.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 594.

جاّلا القديسة

هي زوجة يوكيريوس Eucherius أسقف ليون Lyon (434 - 450). ذلك أن يوكيريوس اشتاق وأحب حياة التدين، فحبس نفسه في مغارة على ضفاف نهر ديورانس Durance حيث كان يقضي وقته في الصلاة.

اختير لكرسي أسقفية ليون وأُخِذ بالقوة لرسامته، فسكنت زوجته جالاّ في مغارته، وكانت بنتاها توليا وكونسورتيا Tullia and Consortia ترعيانها كما كانت هي ترعى يوكيريوس.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 595.

جالاتيون (غلاتيون) وإبيستيمي الشهيدان

تمثل قصة هذين القديسين صورة حيّة للحب الزيجي والإخلاص، فقد عاشا تحت ظل الحب الإلهي. كانا يسندان بعضهما البعض في نموهما الروحي. كان غلاتيون وإبيستيمي زوجين من مدينة حمص بسوريا، وعاشا بتولان بعد زواجهما، ثم قُبض عليهما، وعذبا من أجل الإيمان بالمسيح. ولما أراد الجنود الذين قبضوا عليهما إهانة إبيستيمي مزقوا ثيابها. أراد الجند أن يجرحوا حياء السيدة الطاهرة، لكن القدوس لا يترك عصا الخطاة تستقر على رأس الصديقين. في الحال أُصيب الجنود الـ 53 الموجودين بالعمى. ثم نالا إكليل الاستشهاد بعد أن عُذِّبا بالضرب وبتقطيع لسانيهما وأيديهما وأرجلهما.

وقد وردت سيرتهما في هذه السلسلة تحت "إبيستيمي وغلاكتيون".

Butler, November 5.

جاليكانوس الشهيد

كان جاليكانوس نائبًا للإمبراطور قسطنطين وقائدًا في جيشه. عُرف بشجاعته وبسالته، وقام بحملتين عسكريتين ناجحتين: الأولى ضد الفرس، والثانية ضد السكيثيين، وفى الحملة الثانية اعتنق المسيحية على يد الأخوين القديسين يوحنا وبولس.

إذ تمتع بالإيمان الحيّ اتسع قلبه بالحب للَّه والناس، وانحنت نفسه بروح الاتضاع لتخدم كل ضعيفٍ وفقيرٍ وغريبٍ. بعد عودته إلى روما، اعتزل في أوستيا Ostia وهناك بنى كنيسة، وإذ شعر بالحرية الداخلية لم يحتمل أن يرى إنسانًا عبدًا، لذا أعتق عبيده، ووسع منزله ليستضيف فيه الحجاج، وكان يلازمه في كل ذلك صديق له اسمه هيلارينوسHilarinus. وذاعت شهرته في الشرق والغرب، فكان يأتي البعض من كل مكان لمشاهدة النائب السابق وصديق الإمبراطور الذي يغسل أرجل الحجاج ويُعد لهم المائدة، يخدم المرضى، ويقدم ذاته مثلاً حيًا لقيم المسيحية السامية.

أراد الله أن يُتوج حياته بإكليل الاستشهاد، إذ بمجيء يوليانوس الجاحد خيَّره ما بين التبخير للأوثان أو النفي. فاختار النفي إلى مصر حيث عاش في وسط مجموعة من المتوحدين. لكن تبعه الاضطهاد إلى الصحراء حيث قُطعت رأسه حوالي سنة 352م، بينما عُذب صديقه هيلارينوس حتى الموت.

Butler, June 25.

جانواريوس الأسقف القديس

رعايته لشعبه المُضطهد

كان هذا القديس من مدينة نابولي Naples، سيم أسقفًا.

كان يفتقد المسيحيين في بيوتهم، إذ كانوا يعانون من الاضطهاد، كما خرج إلى البراري والمناطق البعيدة يفتقد الهاربين من شدة الاضطهاد، فكان يُعزيهم ويقويهم ويثبتهم على الإيمان.

فتح قلبه بالحب للوثنيين، فأحبه كثيرون منهم، وقبلوا الإيمان واعتمدوا.

إذ كان الأسقف يطوف المدن لافتقاد المضطهدين، دخل مدينة ميسانا، ووجد هناك شماسًا قديسًا يُدعى سوسيوس. عند قراءته في الكتاب المقدس لاحظ الأسقف لهيبًا من نار حول رأسه فأدرك أنه سيموت شهيدًا. وبالفعل بعد أيام قليلة استدعاه دراكنسيوس حاكم الإقليم ودخل معه في حوار، محاولاً أن يستميله إلى الوثنية. إذ فشل في الحوار قدم له وعودًا سخية وإذ فشل في استمالته أمر بضربه بالسياط بطريقة وحشية، وصاروا يجرونه من أطرافه لكي تنكسر عظامه… وكان الشماس القديس متهللاً.

أرسله الحاكم إلى السجن في بوزول Pozzouli، كما سُجن معه ثلاثة مؤمنين هم الشماس بروكولوس وأوتيكوس وأوكوسيوس الذين ضُربوا أيضًا بالسياط ثم أُلقوا في السجن.

إذ سمع بذلك الأب الأسقف جانواريوس افتقدهم في السجن مرارًا لتشجيعهم وتثبيتهم على الإيمان. في ذلك الوقت عُزل الحاكم دراكنسيوس وحلّ محلّه تيموثاوس الذي ما أن وصل إلى المدينة حتى اشتكى الوثنيون من الأسقف أنه يمنع المسيحيين عن عبادة الآلهة، وأنه ذهب إلى مدينة بوزول يفتقد من سجنهم الوالي السابق دراكنسيوس.

اضطهاده

استدعاه الوالي وطلب منه العبادة للأوثان وجحد السيد المسيح، وإذ رفض طرحه في أتون نار، لكن اللَّه حفظه، محولاً النار إلى ندى كما فعل مع الثلاثة فتية القديسين. نسب الوالي ذلك إلى السحر، وأمر بتكسير عظامه. ثم إيداعه في السجن.

أرسل شعبه الشماس فستوس والقارئ ديديريوس إلى المدينة التي سُجن فيها الأسقف. سمع الوالي فقبض عليهما وقدمهما للمحاكمة. أمر أن يُربط المسجونون السبعة بالسلاسل ويسيروا مع الأسقف أمام عربته إلى مدينة بوزول، وهناك أمر بطرحهم للوحوش الجائعة.

شجعهم الأسقف، وسار الكل في شوارع المدينة وهم متهللون، ثم دخلوا ميدان الوحوش. خرجت الأسود والنمور تزأر بشدة بسبب جوعها، لكنها إذ رأت القديسين وقفت عند أقدامهم كحيوانات مستأنسة كما فعلت مع كثيرين. فصرخ كثير من المشاهدين يمجدون إله القديسين.

استشهاده

أُحضر القديسون أما الحاكم تيموثاوس فأصيب بالعمى، وصلى الأب الأسقف وشفاه. آمن خمسة آلاف وثني، وإذ خشي الوالي على مركزه أمر بسرعة قطع رؤوسهم، وكان ذلك في 19 سبتمبر 305م.

نُقلت أجسادهم إلى مدينة نابولي.

من المعجزات التي رُويت عن هذا الأسقف الشهيد تحول دمه المتجلط والموضوع في قارورة إلى حالة السيولة بالصلاة عليه، وكانت هذه المعجزة تتكرر أكثر من مرة في السنة.

Butler, September 19.

جانواريوس وفستوس ومارتيال الشهداء

يُدعى هؤلاء الشهداء الثلاثة "التيجان الثلاثة لكوردوفا Cordova"، وهي المدينة التي شهدت اعترافهم بالسيد المسيح بشجاعةٍ.

بدأوا بتعذيب فستوس، تلاه جانواريوس وأخيرًا مارتيال الذي كان أصغرهم سنا. وكانت آلة التعذيب المستخدمة تسمى "الحصان الصغير". أشار القاضي على المُعَذِبين أن يزيدوا من آلام القديسين حتى يبخروا للأوثان. ولكن فستوس صرخ فيهم قائلا: "ليس إلا إله واحد هو الذي خلقنا جميعًا"، فأمر القاضي بقطع أنفه وأذنيه ورموش عينيه والشفة السفلى، وعند بتر كل عضو كان القديس يقدم الشكر للَّه.

جاء الدور على جانواريوس الذي عُذب بنفس الطريقة، وأخيرًا مارتيال الذي ظل يصلي من اجل ثباتهم في الإيمان. وحين طلب إليه القاضي الخضوع لأوامر الإمبراطور أجابه بكل ثبات: "يسوع المسيح هو راحتي، ليس إلا إله واحد الآب والابن والروح القدس الذي تجب له العبادة والتمجيد".

أخيرًا أمر القاضي بحرقهم أحياء، فأكملوا بذلك شهادتهم بكل فرح، في مدينة كوردوفا بأسبانيا، حوالي سنة 304 م.

Butler, October 13.

جانواريوس الشهيد

أحد أبناء الوالي مارسيللوس Marcellus الاثني عشر، والذي استشهد معه في أسبانيا تحت حكم الوالي أجريكولاس Agricolaus سنة 298م.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. III, page 341.

جاودنتيوس الأسقف

تتلمذ هذا القديس على يديْ القديس فيلاستريوس Philastrius أسقف برسكيا Brescia، وذاع صيته حتى اضطر أن يسافر إلى أورشليم لزيارة الأماكن المقدسة قاصدًا أن يَنساه الشعب مع طول غيابه عن وطنه. لكن هذا الاعتقاد كان خاطئًا، إذ تقابل في قيصرية بكبادوكيا مع اخوة القديس باسيليوس وأقربائه الذين زوّدوه ببركة أجساد الأربعين شهيدًا. وفي أثناء غيابه تنيح القديس فيلاستريوس، وكان اتفاق كل الشعب والاكليروس في برسكيا على رسامة جاودنتيوس مكانه، وقد صمموا على عدم قبول أي أسقف غيره. ومن ناحيته فقد وافق على مضض على هذه السيامة بعد تهديده بحرمانه من التناول إذا رفض. وكانت سيامته سنة 387م بيد القديس أمبروسيوس.

سرعان ما بدأ أهل برسكيا يعرفون قيمة هذا الأسقف القديس. ففي أحد المرات كان هناك رجل شريف اعتزل في المدينة بعد أن غضبت عليه الإمبراطورة يوستينا، ذلك لأنه رفض تنفيذ أحد الأوامر لصالح الأريوسيين. وفي الاحتفال بعيد القيامة كان هذا الرجل مريضا فطلب إلى القديس جاودنتيوس أن يدون له العظة لفائدته وبذلك ظلت عشرة من عظاته الـ 21 محفوظة.

وفي مرة أخرى أراد توضيح أسرار الكنيسة للمتعمدين حديثا وبالذات سرّ الافخارستيا، فشبهه قائلا: "الله خالق الطبيعة والذي يخرج الخبز من الأرض، هو أيضا الذي يحول الخبز إلى جسده، لأنه وعد بذلك، وهو قادر على ذلك. والذي عمل الخمر من الماء يحول الخمر إلى دمه".

وقد بنى القديس جاودنتيوس كنيسة في المدينة أسماها "مجمع القديسين"، ودعي عند تكريسها كثير من الأساقفة. وفي عظته بهذه المناسبة قال انه أودع في الكنيسة جزء من أجساد الرسل والقديسين، وإن الجزء من رفات القديس يتساوى مع كل الجسد من حيث بركته وفاعليته.

وفي سنة 405 أرسله البابا إينوسنت الأول Innocent I هو والإمبراطور هونوريوس Honorius مع أسقفين آخرين إلى الشرق للدفاع عن القديس يوحنا الذهبي الفم أمام الإمبراطور أركاديوس، وقد أرسل له يوحنا الذهبي الفم رسالة شكر على ذلك فيما بعد. ولكن قُبض على الأساقفة وحُبسوا في ترواس Thrace وتعرضوا لضغوط حتى ينحازوا للأسقف الذي كان يعارض الذهبي الفم. ويقال أن القديس بولس الرسول ظهر لأحد الشمامسة المرافقين لهم وشجعهم على الثبات، وأخيرًا رجعوا سالمين إلى روما.

أخيرًا تنيح هذا القديس بسلام حوالي سنة 410م، وقد امتدحه روفينوس Rufinus كثيرا بعد نياحته.

Butler, October 25.

جاودنتيوس الأسقف الشهيد

هو تاسع أسقف لأرِّيتيوم Arretium (Arezzo)، وجلس على كرسي الأسقفية خلفًا ليوسابيوس Eusebius سنة 381م. وقد نال إكليل الشهادة في السنة التالية على يد الوالي مارسيلليانوس Marcellianus الذي كان أحد أشد المُضطَهِدين للمسيحية.

رأي آخر يقول أن استشهاده حدث في عهد الإمبراطور المسيحي فالنتينيان Valentinian الذي كان في بداية حُكمِه يُعيِّن ولاة من الوثنيين.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 611.

جاورجي القديس

القديس جاورجي رفيق القديس ابرآم

ولد هذا القديس من والدين مسيحيين قديسين وكان يرعى غنم أبيه. ومال قلبه إلى الرهبنة فترك رعاية الغنم وكان عمره وقتئذ أربع عشر سنة. وقصد برية القديس مقاريوس وحدث وهو سائر في الطريق أن تراءى له الشيطان في زي شيخ وقال له: إن أباك ظن أن وحشا ضاريا قد افترسك فشق ثيابه حزنا عليك والواجب أن تعود إليه لتطيب قلبه أولا ثم تعود إلى البرية. فدهش القديس لذلك وفكر في نفسه وقال: إن الكتاب المقدس يقول "من أحب أبًا أو أُمًا أكثر مني فلا يستحقني". فلما قال هذا صار الشيطان مثل الدخان وتوارى من أمامه. وللوقت ظهر له ملاك الرب في زي راهب وأرشده إلى دير الأنبا أوريون. فأقام فيه تحت إرشاد أحد الرهبان القديسين مدة عشر سنوات لم يذق طعاما مطبوخا ولا فاكهة. ثم رأى أن ينفرد في البرية الداخلية فذهب إلى دير القديسين مكسيموس ودوماديوس باسقيط مقاريوس. واتفق أن حضر في نفس الوقت إلى هذا الدير القديس ابرآم. فذهبا معا إلى دير القديس مقاريوس واجتمعا بالقديس يوأنس قمص شيهيت فأسكنهما في قلاية قريبة منه تُعرف بقلاية بجيج وفيها تنيح الأنبا ابرآم ثم تنيح بعده الأنبا جاورجي وكانت جملة حياته اثنين وسبعين سنة.

وقد وردت سيرته وسيرة القديس ابرآم في هذه السلسلة تحت "ابرآم وجاورجي".

السنكسار، 18 بشنس.

جاورجيوس السكندري الشهيد

نشأته

كان والداه وثنيين غنيين.

سافر والده التاجر بالإسكندرية إلى اللد بفلسطين، وحضر عيد تكريس كنيسة الشهيد مارجرجس (جاورجيوس الكبادوكي). تأثر بالاحتفال المهيب لهذا الشهيد والألحان الكنسية، وإذ سمع عن سيرة الشهيد أحب الحياة المسيحية. نال سرّ العماد، وتهللت نفسه جدًا.

صلى إلى الله متشفعًا بقديسه العظيم أن يرزقه ولدًا، وإذ عاد إلى الإسكندرية أخبر زوجته بما تمتع به، فآمنت هي أيضًا واعتمدت. قبل الرب طلبتهما، ورزقه طفلاً أسمياه جاورجيوس.

نشأ الطفل في جوّ تقوي حيّ حتى بلغ الخامسة والعشرين من عمره حين تنيح والداه، وكان جاورجيوس إنسانًا تقيًا محبًا للكنيسة، مترفقًا بالمساكين والفقراء.

مع ابنة خاله أرمانيوس

إذ تنيح والداه احتضنه خاله أرمانيوس والي الإسكندرية، الذي كان له ابنة وحيدة طيبة القلب، خرجت ذات يومٍ مع بعض صديقاتها للنزهة، فشاهدت ديرًا خارج المدينة وسمعت رهبانه يسبحون الله بتسابيح عذبة. فتأثرت جدًا مما سمعته، ولما عادت إلى بيتها سألت ابن عمتها جاورجيوس عما سمعته، فأجابها بأنها تسابيح إلهية يترنم بها الرهبان الذين قد تركوا العالم ليمارسوا الحياة الملائكية. وأخذ الشاب يحدث ابنة خاله عن الإيمان بالسيد المسيح، وعن الحياة الأبدية وأيضًا عن العذاب الأبدي، فتأثرت جدًا وقبلت الإيمان بالسيد المسيح.

عرف أرمانيوس بالأمر فصار يلاطف ابنته ويخادعها، وإذ لم تنثنِ صار يهددها، أما هي ففي محبة كاملة لمسيحها قدمت حياتها ذبيحة حب لله، إذ قطع والدها رأسها ونالت إكليل الشهادة.

استشهاده

عرف أرمانيوس أن جاورجيوس هو السبب في إيمان ابنته، فقبض عليه وعذبه عذابًا شديدًا، ثم أرسله إلى أريانوس والي أنصنا، الذي قام بدوره بتعذيبه، وأخيرًا قطع رأسه المقدس ونال إكليل الشهادة.

وكان هناك شماس يسمى صموئيل أخذ جسده المقدس وكفنه بإكرامٍ جزيلٍ ومضى به إلى منف من أعمال الجيزة. ولما علمت امرأة خاله ذلك أرسلت فأخذت الجسد ووضعته مع جسد ابنتها الشهيدة بالإسكندرية. يُقال أن جسده موجود حاليًا في كنيسة مار مرقس برشيد.

السنكسار، 7 هاتور.

O’ Leary: The Saints of Egypt, p. 145,146.

جاورجيوس الشماس

عاصر الأنبا سيمون البابا السكندري الثاني والأربعين، وبعد نياحة البابا عده البعض خليفًا بأن يجلس على الكرسي السكندري، ولكن إذ لم يَنَل الكرامة الكهنوتية العظمى لم يتخاذل بل استمر يخدم كنيسته بجدٍ واجتهاٍد، ثم نال بعد ذلك رتبة القسّيسية.

مع تكريس كل قواه للخدمة اهتم بكتابة تراجم الباباوات السكندريين. فبينما كان مقيمًا في دير الأمير تادرس بابلاج بدأ بكتابة سيرة الأنبا كيرلس الأول عامود الدين (البابا 24)، ثم تتبع سير خلفاء هذا البابا حتى بلغ إلى سيرة الأنبا ألكسندروس الثاني (البابا 43) الذي عاصره، وقد كتب ترجمة هذا البابا الأخير حينما كان عائشًا في دير الأنبا مقاريوس الكبير بشيهيت.

لم يكتفِ جاورجيوس بكتابة تراجم هؤلاء الباباوات بل صَوَّر الأحداث السياسية التي اجتازتها مصر، كما وصف شخصيات الحكام المدنيين الذين تعاقبوا على حكمها. وقد تضمن كتابه أحداث قرون أربعة - من القرن الرابع إلى القرن الثامن - اعتلى كرسي مارمرقس في أثنائها عشرون من الباباوات السكندريين.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الثاني صفحة 328.

جاورجيوس الكبادوكي الشهيد

زمن استشهاده

غالبًا ما يُنظر إلى القديس مارجرجس كأمير للشهداء في عصر دقلديانوس، فقد تزعّم في منطقة الكبادوك حركة الثورة على منشور الاضطهاد ضد المسيحيين، لكن المخطوطات القبطية في غالبيتها تنظر إليه أنه في عصر سابق لهذا الإمبراطور، في عهد ملك غير شرعي يُدعى داديانوس Dadianus الفارسي، وهو رجل وثني وليس مسيحي جحد مسيحه، وكان له سلطان على منطقة الكبادوك. لذلك جاءت سيرة الشهيد جاورجيوس السكندري تعلن أن الأخير استشهد في عهد دقلديانوس مع أنه ولد بناء على شفاعة الأول حين حضر والده تكريس كنيسته باللدّ. وفي بعض المخطوطات القبطية لم يذكر عصره إنما قيل "في أيام القدم" ربما قاصدا ما قبل عصر دقلديانوس.

نشأته

وُلد هذا القديس في الكبادوك بآسيا الصغرى، من أبوين تقيين غنيين ينتسبان إلى عائلة شريفة. كان والده أناسطاسيوس واليًا على Melitene بكبادوكية، وكانت والدته ثاؤبستى أو ثاؤغنسطا من فلسطين ابنة والي اللدّ.

قيل أن والده كان إنسانًا تقيًا ومخلصًا لله وللملك، فأحبه الملك جدًا، وجعله من حاشيته التي ترافقه في رحلاته وغدواته. لكنه إذ اكتشف إيمانه بالسيد المسيح أمر بقطع رأسه. كان القديس جوارجيوس في الرابعة عشرة من عمره. على أي الأحوال جاء القديس جوارجيوس ثمرة لبذرة مقدسة دُفنت في أرض مقدسة، فقدمت للكنيسةٍ كما للسمائيين ما يفرح قلوبهم.

لم يسبب استشهاد الوالي أناسطاسيوس إحباطًا للعائلة، بل ألهب قلب الابن المبارك جوارجيوس بنار الحب الإلهي، ليصير هو أيضًا شهيدًا للرب. إذ استشهد أناسطاسيوس أخذت ثاؤبستى أولادها: جاورجيوس وكاسيه ومادرونة وانطلقت إلى مسقط رأسها ديوسبوليس بفلسطين.

الأمير جاورجيوس الروماني

بعد استشهاد الأمير أناسطاسيوس احتل مكانه الأمير يسطس، وكان يخاف الله ويحب السيد المسيح، لذلك أحسن إلى عائلة الشهيد أناسطاسيوس. وقام بتعليم الشاب جاورجيوس الفروسية لينخرط في سلك الجندية. تفوّق جاورجيوس على الجميع في ركوب الخيل وممارسة الفروسية، وأظهر شجاعة نادرة، وبسرعة صار بطلاً له صيته في كل فلسطين، وأصبح قائدًا لفرقة كبيرة تعدادها ألفًا من الجند.

أرسله الأمير إلى الملك ومعه رسالة توصية تكشف عما حققه القائد جاورجيوس من البطولات، ويطلب من الملك أن يهبه رتبة "أمير". أحبه الملك جدًا ووافق على تذكية الأمير يسطس، وصار اسمه "جاورجيوس الروماني"، وعيّنه أميرًا يقود خمسة آلاف جنديًا، كما قدم له فرسًا أشهبًا من الأنواع النادرة تعبيرًا عن رضاه.

صار جاورجيوس محبوبًا من الجميع بسبب هيئته التي كانت تدل على شجاعته خاصة في الحروب، مع حسن قيادته وتدبيره للأمور، فضلاً عن خصاله الحميدة، فأصبح قائدًا ومدبرًا للجيش، وكان سنه 20 عامًا. وكان جاورجيوس يزداد كل يوم اعتبارًا وشرفًا. وفي سن العشرين تنيحت والدته.

محبة الوالي له

اشتاق يسطس أن يجعل من جاوجيوس ابنًا له بأن يزوجه ابنته الوحيدة الصغيرة التقية التي كانت تخاف الله، فافصح عن ذلك للأميرة تأوبستي والدة الأمير جاورجيوس التي فرحت جدًا. أقام يسطس جاورجيوس خطيب ابنته وكيلاً على ممتلكاته، وقد أرجئوا الخطبة لصغر سن الفتاة. ولم يكن الكل يعلم أن الله كان يعد له طريقًا أعظم.

غيرة الأمير جاورجيوس

سمع جاورجيوس أن الملك قد اجتمع بسبعين واليًا، وأصدر أوامره بإبادة المسيحية تمامًا وهدم الكنائس. استعد جاورجيوس لمواجهة الاضطهاد، إذ كان لابد أن يصرّح بدِينه أمام الملك. باع كل ما ورثه من والديه حتى أثاثات بيته وثيابه وقدم ثمنها للفقراء. وإذ صدر منشور بذلك أمسك القديس بالمنشور ومزقه علانية وسط الجماهير في مكان عام، بعد أن وزع كل ممتلكاته على الفقراء وحرر العبيد وتهيأ للاستشهاد بفرح.

أمام الملك

اقتيد أمام الملك الذي لاطفه كثيرًا ووعده بعطايا جزيلة فلم يبالِ. وإذ فشل الملك في إغرائه صار يعذبه لمدة سبع سنوات، وكانت يد الله تسنده ليقتنص نفوسًا كثيرة للإيمان خلال عذاباته، فقد مات ثلاث مرات وكان الرب يقيمه ليتمجد فيه، حتى استشهد في المرة الرابعة، كما كان ينعم برؤى سماوية وسط الآلام تسنده وتعينه.

أقوى من السحر والسم

من بين العذابات التي تعرض لها القديس جاورجيوس أن الملك أحضر له ساحرًا مشهورًا يُدعى أثناسيوس أعد له سمًا قاتلاً، وقدمه للقديس لكي يشربه، أما القديس فبالإيمان شربه ولم ينله أذى، عندئذ آمن الساحر بالسيد المسيح. اغتاظ الملك وأمر بعصر القديس في معصرة بها أسنان حديدية حتى أسلم الروح، ولكن السيد المسيح أقامه ورأته الجماهير وآمن بسببه كثيرون قبلوا الاستشهاد باسم الرب.

إذ رأى الولاة ذلك طلبوا منه في حضرة الملك أن يجعل كراسيهم تورق وتثمر فصلى إلى الله وتحقق طلبهم. وإذ دُهشوا حملوه إلى المقابر وطلبوا أن يقيم لهم أمواتًا، فصلى إلى الرب وقام بعض الأموات شهدوا بخلاص السيد المسيح ثم رقدوا.

في هيكل الأوثان

استخدم الملك معه اللطف قائلاً له إن قلبه مجروح بسبب ما أصابه، وأنه عزيز لديه جدًا، وسيقدم له أسمى مناصب الدولة. وأخيرًا سأله أن يذهب معه إلى هيكل الأوثان. انطلق جوارجيوس مع الملك إلى معبد الوثن حيث ظن الأخير أنه سيبخر للأوثان فيعطيه ابنته زوجة، وإذ بلغ الاثنان إلى الهيكل ومعهما حاشية الملك، وجمع غفير من الشعب.

وقف أمام تمثال أبولو وصرخ نحوه: "هل أنت إله لأقدم لك ذبيحة؟" فأجاب الصنم بصوت مريع: "إني لست إلهًا".

رشم القديس علامة الصليب فسقطت الأصنام وتهشمت. فصرخ الشعب طالبين الفتك بعدو آلهتهم.

شعر الملك بالخزي الشديد وانطلق إلى قصره مرّ النفس.

أقوى من كل إغراء!

سرّ قوة الشهيد مارجرجس الروماني ممارسته اليومية لحياة الاستشهاد، إذ غلب شهوات الجسد في معارك أرضها أعماقه الداخلية، وكما يقول الحكيم: "مالك روحه خير من مالك مدينة" (أم32: 16).

إذ أُودع جاورجيوس في السجن استشار الإمبراطور رجاله عما يفعله مع هذا القائد الشجاع. فتقدم أحد الأمراء باقتراح أن هذا الشاب الوسيم لن يضعف أمام أية تهديدات، ويُسر حتى بالموت. لكن أمرًا واحدًا يمكن أن يحطمه وهو الإغراء بفتاة لعوب، تقتنصه بفتنتها وأُنوثتها الطاغية وخبراتها، بهذا يفقد جاورجيوس عفته، وينهار إيمانه.

استدعى الإمبراطور المشرفة على محظيات الإمبراطور وجواريه، منها أن تختار فتاة لها خبرتها في هذا الأمر.

أُرسلت الفتاة إلى السجن لتقضي ليلة مع الشاب حتى تغريه ويسقط معها. لكن مارجرجس الذي عرف أن يُقدم كل يوم ذبيحة حب على مذبح الطهارة في المسيح يسوع حوّل السجن إلى هيكل طاهر تُقام فيه الصلوات لأجل خلاص نفسه وخلاص هذه الفتاة وكل من حوله.

لم يأتِ الصباح حتى تقدمت الفتاة إلى مارجرجس بدموع تطلب منه أن يتحدث معها عن سرّ طهارته وعفته وارتفاع قلبه إلى السمويات، فأخذ يبشرها بالخلاص ويقدم لها الحياة الإنجيلية الفائقة.

جاء رجال الإمبراطور في الصباح الباكر لأخذ الفتاة إلى الإمبراطور فوجدوها قد اكتست بالحشمة وتوشحت بالعفة والوداعة، تعلن إيمانها بالسيد المسيح ملكها وخلصها.

صُعق الإمبراطور ورجاله لما حدث، وصدر الأمر بقطع رقبتها بحد السيف. اُقتيدت إلى ساحة الاستشهاد حيث ركعت متهللة تصلي إلى مخلصها ربنا يسوع ليقبل روحها، وتنال إكليل الشهادة.

صمم الإمبراطور على أن يُذيقه أقسى ألوان العذابات انتقامًا مما فعله مع الفتاة.

في القصر الملكي

لما كثرت المعجزات التي صنعها الرب على يديه وشعر الملك بالفشل، أخذه معه إلى القصر ليغريه أنه سيزوجه ابنته. هناك في القصر سمعته الملكة يصلي فطلبت منه أن يشرح لها إيمانه، ففتح الرب قلبها وجذبها روح الله إلى الإيمان. أخذت الملكة ألكسندرة تعاتب الملك: "ألم أقل لك لا تعاند الجليليين لأن إلههم قوي"، وإذ أدرك أن القديس أمال قلبها للرب أمر بتمشيط جسمها وقطع رأسها لتنال إكليل الشهادة.

إذ رأت الملكة جاورجيوس يُقاد إلى السجن نادته لتسأله عن عمادها. أجابها القديس إلا تضطرب فإنه إن لم توجد فرصة لعمادها فسفك دمها لحساب الإيمان بالسيد المسيح هو معمودية مقدسة تفتح لها أبواب الفردوس.

تهلّلت نفسها وتقدمت الملكة للاستشهاد وهي تقول: "يا رب لقد تركت باب قصري مفتوحًا على مصراعيه، فلا تغلق باب فردوسك في وجهي، يا من قبلتَ توبة اللص اليمين".

قُطعت رأس الملكة لتنطلق روحها إلى الفردوس تتمتع برؤية مخلصها.

استشهاده

خشي الملك من حدوث ثورة ضده إذ ذاعت أعمال الله التي تمت على يديّ القديس لذا أمر بقطع رأسه، وكان ذلك في 23 من برمهات.

أيقونة الشهيد مارجرجس الروماني

تحمل معنى رمزيًا:

فالعروس التي تظهر في الأيقونة تُشير إلى الكنيسة التي تتطلع إلى أبنائها الشهداء بفرحٍ واعتزازٍ.

والتنين يُشير إلى الشيطان الذي يحرك العالم الشرير ضد الإيمان.

والحربة تشير إلى صليب رب المجد يسوع الذي يهب النصرة.

وهزيمة التنين تُشير إلى هزيمة الشر ومصدره (إبليس) بقوة الإيمان.

جايانا ورهيبسيمى والعذارى الشهيدات

كانت رهيبسيمي عذراء من أصل شريف تعيش مع مجموعة من العذارى المكرسات تحت رئاسة جايانا في مدينة روما. وإذ عزم الإمبراطور دقلديانوس على الزواج، أرسل أحد رسّاميه إلى أنحاء روما ليرسم له البنات اللائى يتوسم أنهن مناسبات لهذا الشرف. استطاع هذا الرسام التسلل إلى منزل جايانا ورسم صور لبعض العذارى. وحين عاين الإمبراطور الصور وقع اختياره على رهيبسيمي لتكون له زوجة. وحين أُخبرت بأنها اختيرت لهذا الشرف رفضت هذا الاختيار.

حين علم الملك برفضها طلبه أمر بإحضارها بالقوة، وحين مثلت أمامه اندهش من شدة جمالها وحاول ملاطفتها، فصدته بعنف حتى وقع على الأرض من شدة دفعتها، فللحال أمر بسجنها.

في المساء استطاعت الهروب والرجوع إلى صديقاتها. أرسل الإمبراطور دقلديانوس إلى الملك تيريداتس Tiridates يطلب إليه أن يقتل جايانا، إذ شعر أنها تسند رهيبسيمى على الرفض، وأن يعيد إليه رهيبسيمى، إلا إذا كان يريد أن يستبقيها لنفسه. فأرسل الملك مندوبيه للبحث عنها وإحضارها بكرامة إلى قصره، ولكنها رفضت طلبهم وصلَّت إلى الله لكي يتركوها، وفى تلك اللحظة هبت عاصفة رعدية شديدة حتى فزعت الخيل وتشتت الجنود.

عزمت جايانا على الهروب من روما مع بقية العذارى عالمة بما تتوقع أن تناله من أذى نتيجة لهذا الرفض. فهربن إلى الإسكندرية ومنها عبرن الأراضي المقدسة إلى أرمينيا، حيث استقروا في العاصمة وكن يدبرن معيشتهن بأعمال الخياطة.

أرسل الملك جنوده للبحث عنهن وأمرهم بقتلهن، فعذبوا رهيبسيمى بتقطيع أطرافها وبتعذيبها بالنار حتى استشهدت، وبقية العذارى - وكان عددهن حوالي 35 - عذبوا حتى الموت، وكانت تلك المذبحة في يوم 5 أكتوبر من عام 312م.

بعدها بأسبوع نال الملك المتوحش عقابه، إذ أثناء صيده في الغابة تحول إلى صورة خنزير برى، ولم يشفه من حالته تلك سوى القديس غريغوريوس الأرمني الذي كان محبوسا في جب لمدة 15 سنة.

وظهرت الشهيدات في رؤيا للقديس غريغوريوس بمدينة أشميازين Etshmiadzin، وبُنيت حول الكنيسة الكبيرة هناك ثلاث كنائس في موضع استشهاد هؤلاء العذارى.

Butler, September 29.

جدانوس الفلسطيني القديس

كان رجلاً عظيمًا في الروحانية، وكان يعيش بلا مأوى، حاسبًا الله هو ملجأه، وظل على هذه الحال طوال حياته. وذات مرة ثار عليه اليهود بالقرب من البحر الميت، ورفع أحدهم سيفًا عليه ليقتله، فارتجفت يداه وسقط منه السيف فورًا، فمضى اليهودي عنه دون أن يؤذيه.

بستان القديسين، صفحة 53.

جديد الشهيد

عاش البتول الطاهر جديد واستشهد في عصر المماليك الشراكسة. كان من أهالي الجيزة وقد حكموا عليه أن يتبع جده فأجابهم: "عجِّلوا بقتلي، فليس لي أب ولا أم ولا جد سوى المسيح".

وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها، صفحة 250.

جراتيانوس الشهيد

من شهداء أميان Amiens واستشهد في الفترة من 283م إلى 287م.

تقول سيرته الغير مؤَكَّدة أنه في اللحظات الأخيرة قبل استشهاده غرس في الأرض فرع شجر كان في يده، وهذا في الحال أخرج ورقًا وأثمار، ويقال أن هذه المعجزة ظلت تتكرر كل سنة في شهر أكتوبر أثناء الاحتفال بتذكاره.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 721.

جراسيموس وأثناسيوس الأسقف وثاؤتيطس الشهداء

تعيد الكنيسة القبطية في التاسع والعشرون من شهر مسرى لتذكار استشهاد القديسين أثناسيوس الأسقف وجراسيموس وثاؤتيطس غلاماه. وذلك أن البعض سعى بالأسقف لدى أريانوس الوالي أنه عمَّد ابنة الوزير أنطونيوس. فاستحضره وطلب منه السجود للأوثان فلم يقبل، وأعلن اعترافه بالسيد المسيح. عذبه أريانوس بمختلف العذابات المؤلمة. ولما رأى ازدياد تمسكه بإيمانه أمر بضرب رقبته ورقبتي الغلامين أيضا. وأخذ بعض المؤمنين أجسادهم بعدما بذلوا أموالاً جزيلة، وكفنوهم، ووضعوهم في تابوت. وقد شرفهم الله بظهور آيات كثيرة من أجسادهم.

السنكسار، 29 مسرى.

جرجس أبو منصور الطوخي الأرخن

من أراخنة الكنيسة القبطية في أواخر القرن السابع عشر الميلادي. عاش في القرن السابع عشر وكان معاصرًا للبابا يوأنس السادس عشر.

نزح مع عمه المعلم داود الطوخي من بلدتهما طوخ النصارى وسكنا في حارة الأرمن بدرب الجنينة. وحين توفي ابنه الوحيد لم يستسلم للحزن بل كرَّس حياته وجهوده للخدمة البناءة، فقد اتخذ له بيتًا في حارة الروم ليكون إلى جوار كنيسة السيدة العذراء المغيثة التي كانت المقر البابوي آنذاك، وإلى جانب باباه الذي عيَّنه ناظرًا للكنيسة، ففتح بيته لكل قاصدٍ وكل محتاجٍ، أما في أيام الآحاد فبعد الانتهاء من القداس الإلهي كان يستصحب البابا والكهنة إلى بيته كما يحضر الفقراء ويقدم للجميع الإفطار، وفي أيام الأعياد يقيم الولائم للفقراء والغرباء.

ولم تقتصر غيرته الروحية على أعمال الرحمة بل امتدت إلى إعادة تعمير كنيسة مار جرجس بحارة الروم. ولما رأى البابا تفانيه أسند إليه أيضًا نظارة كنيسة السيدة العذراء الشهيرة بالمعلقة، فرممها وزخرفها وأعاد إليها رونقها الأثري واستكمل مكتبتها، فكان مجهودًا جبارًا بذله هذا الابن البار بكنيسته.

وحينما رغب البابا في عمل الميرون أحضر له المعلم جرجس كل مستلزماته، فلما انتهت شعائره المقدسة قدم لكل من البابا والأساقفة الذين اشتركوا معه في الصلاة بدلة كهنوتية كاملة وكأسًا وصينية للأسرار المقدسة. وحين حلَّ الأمان في الطريق المؤدي إلى القدس قام البابا بزيارة الأراضي المقدسة، كان هذا الأرخن هو الذي مهد لهذه الزيارة وتولى كل نفقاتها.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الرابع صفحة 93.

السنكسار الأمين، 26 بؤونة.

جرجس الجوهري المعلم

هو شقيق المعلم إبراهيم الجوهري، وليست شهرته فقط في علو المنصب وعظم المكانة، بل لِما امتاز به من العقل وكرم الأخلاق وعمل المعروف للجميع بدون تمييز بين مسلمٍ ونصرانيٍ وعدم التدخل فيما لا يعنيه وعظم النفس والصدق، حتى نال ثقة الجميع على اختلاف أجناسهم ومشاربهم. وقد باشر أمور الحكومة في أربعة عهود مختلفة واحتك بكثير من حكام متباينين في العادات والأخلاق والدين.

1. مدة حكم المماليك

يذكر التاريخ أنه لما مات أخوه المعلم إبراهيم الجوهري قلده إبراهيم بك منصبه فأصبح كبير كتبة مصر. اقتدى بأخيه في كل شيء حتى نال ثقة المصريين، مسيحيين ومسلمين.

كان بين الكتبة الذين تحت إدارته رجل سوري الأصل يُدعى يوسف كسّاب سوّلت له نفسه أن يوشي به لدى إسماعيل بك الذي غضب عليه وعزله من منصبه، لكن بعد مدة وجيزة اكتشف إسماعيل بك كذب يوسف وخيانته، فأمر بتغريقه في نهر النيل، وأعاد المعلم جرجس إلى منصبه.

2. مدة الحملة الفرنسية

مع أن الحملة الفرنسية تمثل فترة قصيرة جدًا بالنسبة لتاريخ مصر (1798 - 1801م) لكنها تمثل دورًا هامًا في تاريخ الأقباط.

كان الأقباط في موقف لا يُحسدون عليه. فمن ناحيةٍ جاء نابليون بونابرت إلى مصر لُيقيم إمبراطورية في الشرق الأوسط تحت دعوى الدفاع عن الإسلام، فلم يترك فرصة إلا وأظهر ودّه للمسلمين والإسلام، فكان يلبس الزي الشرقي ويصحب قادته إلى المسجد ومعه مائة شيخ ليتلو التواشيح، ويحرك رأسه متظاهرًا بالتقوى، لكن المسليمن أدركوا ما في أعماقه أنه لا يؤمن بالدين.

ومن الجانب الآخر يروي لنا يعقوب بك نخلة أنه لما شاع الخبر أن الجنود الفرنسيين قادمون، واشتغل الأمراء بالاستعداد لمقابلتهم اختل النظام وسادت الفوضى، وكثر اللصوص وقطّاع الطرق في البلاد، وهاج سكان القاهرة على بيوت النصارى الأقباط والسوريين والإفرنج والأروام بدعوى البحث عما فيها من الأسلحة. واتخذ أهل الفساد والطمع هذا ذريعة، فنهبوا بيوت الذين لا قدرة لهم على المقاومة. وأشار البعض بقتل جميع النصارى عن آخرهم. فعارضهم في ذلك إبراهيم بك وقاومهم ومنعهم، واحتمى بعض النصارى الإفرنج وغيرهم في داره... وهجم رعاع الناس على بيوت البكاوات والأمراء الذين فروا أمام الفرنسيين ونهبوها.

لكن شعر بونابرت بحاجته إلى خبرة الأقباط خاصة في جمع الضرائب كما يظهر من رسالته إلى الجنرال كليبر في 22أغسطس 1700م.

لقد تعرف على المعلم جرجس، وكما يقول توفيق إسكاروس:

"لما قُضي الأمر وانتصر نابليون بجيوشه على المماليك في إمبابه ووصلوا إلى بولاق كلف (مراد بك) المعلم جرجس بإعداده لنزول نابليون فيه ففرشه وجهزه، ولما دخل القاهرة أقام به. ومن ذاك الحين عرفه نابليون وكليبر ومنومن بعده وتحققوا فيه سداد الرأي والحلم. فكان في نظرهم عميد الأقباط واحترموه غاية الاحترام".

اعتبره الفرنسيون عميد الأقباط، فأجلّوه واحترموه، واستصحبه نابليون بونابرت في إحدى المهام، كما استصحبه الفرنسيون في عبورهم للنيل عند بولاق عقب وصول الجيش العثماني إلى أبي قير بصحبة حلفائهم الإنجليز. وظل المعلم جرجس محافظًا على رئاسة الكتاب والمباشرة وحائزًا على ثقة الفرنسيين ورضاء أعيان المصريين وكبار المشايخ والسادة، حتى تم جلاء الفرنسيين عن مصر في سنة 1081م.

3. مدة حكم الأتراك

حينما دخل الأتراك والمماليك القاهرة على أثر انسحاب الفرنسيين، ساد الاضطراب وهرب عدد كبير من الأقباط إلى مصر القديمة والجيزة.

يصف الجبرتي ما عاناه الأقباط فقال:

"أما أكابر القبط مثل جرجس الجوهري وفلتيوس وملطي فإنهم طلبوا الأمان من المتكلمين من المسلمين لكونهم انحصروا في دورهم، وهم في وسطهم، وخافوا على نهب دورهم إذا خرجوا فارين. فأرسلوا إليهم الآمان فحضروا وقابلوا الباشا والكتخدا والأمراء وأعانوهم بالمال واللوازم".

وفي أول سنة 1803م ثار الجنود الأتراك وزحفوا على حارة النصارى ونهبوا بيت المعلم جرجس الجوهري وأخذوا منه أشياء نفيسة.

يقول الجبرتي بأنه في يوم الأحد 15 صفر سنة 1219هـ أشيع بأن فرمانًا صدر ضد النصارى أنهم لا يلبسون ثيابًا ملونة، ويقتصرون على لبس الأزرق والأسود فقط. فبمجرد الإشاعة وسماع ذلك ترصد جماعة من الغوغاء لمن يمر عليهم من النصارى ولمن يجدوه بثياب ملونة يأخذون طربوشه ونعله الأحمر ويتركون له الطاقية والحزام الأزرق. ولم يكن القصد من ذلك الانتصار للدين بل السلب وأخذ الثياب؛ ثم أن النصارى صرخوا إلى عظمائهم فسمعوا لشكواهم، ونودِيَ بعدم التعرض لهم.

4. مدة حكم محمد علي

يقول الجبرتي أن محمد على باشا بدأ تصرفاته بالعمل على تعزيز كلمته وإظهار سلطانه وتأييد مقامه واسترضاء الجند وصرف المتأخر من مرتباتهم، ففرض على قبط مصر وعلى عظمائهم جزية.

قال صاحب الكافي:

"قبض على المعلم جرجس الجوهري معلم مصر يومئذ وصاحب خراجها، وعلى جماعة من عظماء القبط وسجنهم ببيت كتخدا، وطلب من المعلم جرجس الجوهري حسابه عن سنة 1215م".

بعد أن تولى محمد علي الحكم نال لديه المعلم جرجس المقام الأول لِما يسديه إليهم من الهدايا والعطايا، حتى كانوا يسمونه جرجس أفندي. وكان عظيم النفس ويعطي العطايا ويوزع على جميع الأعيان عند قدوم شهر رمضان الشموع والسكر والأرز والبن والملابس. غير أن الوالي سرعان ما انقلب عليه بعد ذلك مختلقًا سببًا وهو عدم مبادرته إلى جباية كل ما كان يطلبه من الضرائب، ولعل ذلك كان شفقة من المعلم جرجس على الأهالي، فقبض عليه ومن معه من الأقباط بحجة أن في ذمته مبالغ متأخرة من حساب التزامه.

يقول توفيق إسكاروس:

"في يوم الأربعاء 17 جمادي الأولى سنة 1220هـ قبض محمد على باشا على جرجس الجوهري ومعه جماعة من الأقباط، فحبسهم ببيت كتخدا، وطلب حسابه من ابتداء سنة خمسة عشرة، وأحضر المعلم غالي الذي كان كاتب الألفي بالصعيد وألبسه منصبه في رآسة الأقباط...

وفي يوم الأربعاء (24 منه) افرجوا عن جرجس الجوهري ومن معه على أربعة آلاف وثمانمائة كيس وأن يبقى على حاله. فشرع في توزيعها على باقي الأقباط وعلى نفسه وعلى كبرائهم وصيارفهم ما عدا فتيوس وغالي، وحوّلت عليه التحاويل وحصل لهم كرب شديد وضج فقراؤهم واستغاثوا.

اضطر المعلم جرجس إلى بيع كثير من أملاكه في الأزبكية وقنطرة الدكة، ثم لجأ إلى الصعيد ويُقال أن محمد علي قد نفاه هناك.

قبل رحيله إلى الصعيد جمع كل حجج أملاكه وسلمها إلى البطريركية كوقفٍ لها لتنفق من ريعها، وقد صُرح له بالعودة إلى القاهرة بعد أربع سنوات فعاد سنة 1809م وقابل الباشا فأكرمه، ثم نزل بيته الذي كان المعلم غالي قد أعده له، وتقاطر وجوه المدينة من جميع الملل للترحيب به، ولكن المنية عاجلته فتنيح في سنة 1810م ودفن بدير مار جرجس بمصر القديمة بجوار أخيه المعلم إبراهيم الجوهري.

كتب المؤرخ الجبرتي عنه قائلاً أنه نافذ الكلمة، واسع الصدر، عظيم النفس، أما خدماته للأقباط فلا تقل عما فعله أخوه المعلم إبراهيم الجوهري، فكان شريكه في تعمير الكنائس والأديرة ووقف العقارات عليها إلى غير ذلك من وجوه البر والإحسان.

توفيق إسكاروس: نوابغ الأقباط ومشاهيرهم في القرن التاسع عشر، ج 2، 1913، ص 280 - 312.

وطنية الكنيسة القبطية وتاريخها، صفحة 315.

جرجس العابد

تُعيّد الكنيسة في السابع عشر من برمهات لتذكار القديسين جرجس العابد وبلاسيوس الشهيد والأنبا يوسف الأسقف.

السنكسار، 17 برمهات

جرجس المزاحم الشهيد

نشأته

قيام الدولة الفاطمية في مصر له أهميته الفريدة، فقد حوّل الفاطميون مصر من دولة تابعة إلى دولة مستقلة. وكان المعز مثالاً يُحتذى به في معاملته للمصريين بالعدل، إذ لم يفرق بين مسيحي ومسلم.

وفي عهد الخليفة الفاطمي العزيز بالله سَرَت بين بعض الرعاع من المسلمين موجة من الحنق حين رأوا الأقباط يصلون إلى منصب الوزير ويحوزون رضى الخليفة وثقته.

ومن أقوى هذه الحوادث ما جرى في منطقة طلخا في نهاية القرن العاشر الميلادي، وكان السبب في ذلك رجل اسمه المزاحم، ابن أرملة مسيحية اسمها مريم وأب اسمه جمعة العطوي تزوجها بالعنف دون إرادتها وإرادة والديها، من قرية تعرف باسم الدروتين مركز طلخا دقهلية. كان المزاحم هو الابن الثالث بين ستة أخوة بنين وأخت واحدة. وقد قضى الاثنتي عشرة سنة الأولى من عمره على دين أبيه، على أنه في هذه السن لاحظ أن أمه تذهب إلى الكنيسة في يوم الأحد، فشعر برغبة ملحة في أن يتبعها ويرى ماذا تفعل في الكنيسة. ثم ترجاها عند عودتها أن تعطيه جزء من القربانة التي معها، فلما ذاقها استلذ طعمها. وبعد ذلك استمر في تتبع أمه، واستقر رأيه فيما بينه وبين نفسه أن يصير مسيحيًا. ومن ثم اعتاد أن يتردد على الكنيسة، وفي عيد السيدة العذراء قصد إلى الأنبا زخاريوس أسقف دمياط وإذ خاف الكهنة أن يُعمّدوه طلب منهم ألا يصرفوا مياه المعمودية، وبعد خروج الشعب خلع ثيابه وغطس في مياه المعمودية ثلاث مرات باسم الثالوث القدوس، وشعر أنه قد صار مسيحيًا، وكان عمره لا يزيد عن 18 سنة. وبعد ذلك تزوج من فتاة تدعى سيولا ابنة القمص أبانوب راعي كنيسة بساط النصارى مركز طلخا.

شهادته أمام الحاكم

لما أراد الله أن يمتحن إيمان مزاحم، ويُعلن محبته له، سمح أن يوقفه أمام الحاكم حيث سأله: "هل أنت مزاحم العطوي؟ ولماذا تركت دين آبائك لتصير مسيحيًا؟!"

أجاب القديس: "نعم أنا هو مزاحم، وقد تنصرت علانية، فأنا لست لصًا أو قاتلاً، ولكني أعبد سيدي يسوع، ومن أجل ذلك أسلموني إليك. فمهما أردت فاصنع بي، فأنا لا أهتم بتهديداتك". فلما سمع الوالي هذا الكلام امتلأ غضبًا، وأمر بأن يُطرح على الأرض ويجلدونه حتى سال دمه على الأرض. كما أمر بنهب بيته، وأخذ كل ما فيه. وأُسلم القديس إلى سبعين من غلمانه ليمضوا به إلى شرمساح (بجوار المنصورة) فيطرحونه في السجن دون طعام أو شراب حتى يموت ثم يلقونه في البحر.

لكن الله الذي وعد بأن يجعل مع التجربة المنفذ لم يدعه يجرب فوق ما يحتمل، خلّص هذا القديس من أيديهم. فبينما هم يجرّونه في الطريق ولم يصلوا به بعد إلى جسر مدينة الدروتين إذ بصوت صرخ في آذانهم قائلاً: "أيها الغلمان ارجعوا بهذا الرجل إلى الأمير"، فرجعوا به إلى الوالي الذي سألهم عن سبب رجوعهم فأجابوه قائلين: "أنت يا مولانا أرسلت خلفنا تطلبه". فتعجب وقال: "لم أُرسل أحدًا قط!" وفي تلك الأثناء جاء ملاك الرب وتشبه بهيئة أحد أشراف المدينة وسأله العفو عن القديس وخلصه من بين أيديهم.

تعذيب زوجة القديس

تقدم رجل شرير من أهل نيكيوه اسمه حمدان إلى الوالي ليوقع بالقديس وقال له: "لماذا تركت سبيل هذا المتنصر الذي فضح ديننا، وأتبع غيره، فسلطني عليه وأنا أُعذبه، فإما أن يرجع وإلا قتلته".

فراق القول للحاكم وأعطاه بعضًا من غلمانه الأقوياء، وأتوا حيث منزل القديس، فوجدوه جالسًا مع زوجته يفكران فيما يفعلانه. فما رآهم القديس قام وهرب منهم لأن الرب أراد أن يخلصه من أيديهم، فلم يمسكوه. غير أنهم أمسكوا زوجته سيولا وأخرجوها وضربوها بالجريد إلى أن سال دمها على الأرض، ونهبوا ما بقي في بيتها، ثم ربطوها في ذنب حصان وداروا بها في كل البلدة، ولم يقدر أحد أن يخلصها من أيدهم.

القديس بين ربوع المحلة

بعد أيام رجع القديس إلى مدينة دروة القبلية ونزل متخفيًا عند أحد أصدقائه، ثم أرسل في طلب زوجته حيث شجعها وطوّبها لأنها تعذبت بسببه كثيرًا، وعرض عليها إن أرادت أن يخليها عنه ليكون لها خير، فأجابته: "حيّ هو اسم الرب إني لن أفارقك كل حياتي حتى لو سُفك دمي بسببك، علمًا بأني أتألم من أجل اسم المسيح".

فلما سمع منها هذا الكلام اطمأن قلبه وشكر الله من أجل قوة إيمانها وعدم تزعزها، وقال لها: "تقوّي يا أختي بالرب لكي يجزل لكي أجرة تعبك"، ثم تركها متوجهًا إلى النواحي القبلية إلى يوفقه الرب إلى مكان مناسب ليأخذها معه.

تعذيب زوجته للمرة الثانية

أثار عدو الخير شيخًا من أهل تلك البلدة فكان يمشي وهو يقول: "إن مزاحم وصل الليلة… لقد ذهبت زوجته إليه وشجعته على أن يتمسك بالدين المسيحي، ونصحته بأن يذهب إلى دير مقاره ليترهب هناك".

فلما سمع أهل البلدة كلام هذا الرجل هاجوا على زوجة القديس، وأخذوها بعنف، وضربوها ضربًا شديدًا، ومضوا بها إلى دميره عند رداد لكي يقتلها، غير أن الرب أعطاها نعمة في عينيه ولم يفعل بها شرًا وساق إليها جماعة من المسيحيين خلصوها من القوم الأشرار.

في صفط القدور

لما سمع القديس بما جرى لامرأته أتي إليها خفية وأخذها إلى النواحي القبلية وأتى وسكن في ضيعة تسمى صفط القدور (تبع مركز المحلة) حيث أقام فيها مدة من الزمان، كان يشتغل في معصرة زيت. وكان القديس مواظبًا على العبادة ليلاً ونهارًا بغيرة قوية فحسده الشيطان. فأتى صبيًا من أهل نيكيوه وكان يعرف القديس معرفة جيدة وجاء يعمل في معصرة الزيت، فعرَّف عمال المكان بقصته، وهيَّج عليه أهل المدينة، فتجمهر جماعة كبيرة على منزله وبأيديهم سيوف وسلاح. أمسكوا القديس بدون رحمة، ثم ربطوا حبلاً في عنقه وطافوا به في شوارع المدينة وهم يقولون: "هذا الرجل أهان ديننا"، وأتى واحد منهم وضربه على رأسه فأصابها وسقط القديس على وجهه مغشيًا عليه.

ولما بلغ خبره مدينة المحلة عرف أبو البشير صاحب المعصرة هناك بأن أحد عماله قُتل ركب دابته وأخذ معه جماعة من أصحابه وجاء إلى صفط القدور، فرأى القديس قد استفاق مما أصابه، فخلصه من أيديهم، وطلب إليه أن يمكث عنده. ثم قال لجموع الشعب إنني سوف أمهله إلى يوم الجمعة حيث أمضي معه إلى الجامع وإذا لم يُصلي مع الناس أحرقته حيًّا. ولما قال هذا صرفهم.

هيأ الله في ذلك الوقت وجود رجل مسيحي من عمال هذا الرجل اسمه مقاره، لما علم ما جال بأفكارهم وما تحدثوا به بشأن القديس ذهب إليه مسرعًا وأخبره بذلك ونصحه أن يهرب من المكان لكي ينجو بنفسه.

في مدينة طنطا

أقام فيها مدة ثلاث سنين أصابه فيها مرض شديد وكانت زوجته تقوى إيمانه وتعزية قائلة: "كم مرة جرَّبك الشيطان وخلصك الرب يسوع بقوته من جميعها". وأما هو فلم يتضجر بل كان يسبح الله ليلاً ونهارًا.

مسحه بالميرون المقدس

كان للقديس صديق في محلة خلف من أعمال سمنود اسمه تادرس، ولما أعلمه القديس بأمره فرح به وقام لساعته ومضى إلى كاهن يُدعى أبامون، فلما علم بخبر القديس مسحه بزيت الميرون باسم الثالوث القدوس. ولما كانت ليلة عيد مارجرجس الروماني، فكروا في تسميته (جرجس المزاحم).

في مدينة بساط النصارى

ذهب جرجس مع زوجته إلى مدينة بساط حيث منزل أبيها، وكان يخدم الرب من كل القلب ويُكثر الأصوام والصلوات ويضرب في كل ليلة خمسمائة مطانية، فسُر الرب به وأراد أن يدعوه للشهادة.

في ذات ليلة بينما كان يفكر في قلبه قائلاً: "ما حيلتي ها هنا والشيطان متسلط عليَّ بالتجارب، أقوم وأمضي إلى دير القديس أبو مقار، وأترهب هناك إلى يوم نياحتي". وكان متشبعًا بهذه الأفكار. وبينما هو كذلك غفل قليلاً فرأى رؤيا كأنه مرتفعًا إلى السماء حيث رأى مجد الرب وهناك أجلسوه عن يمين الرب، وسمع صوتًا يقول: "يا جرجس تقوّ في الشهادة، وطوبى لك لأنك استحققت أن تُعد مع الشهداء القديسين، وتنال الإكليل السماوي مع الأبرار، فلا تخف فالتعب يسير والنعيم كثير ودائم".

بدء المتاعب

هاجم بعض الرجال بيته فلم يجدوه فأخذوا زوجته المباركة وضربوها ضربًا عظيمًا لأنها أخبرتهم بأنها لا تعرف مكانه. وإذ فتشوا عليه وجدوه وطرحوه في السجن. اجتمع كثيرون وصاروا يضربونه بغير رحمة بالآلات المسنّنة، وبالعصي اليابسة وبالجريد الأخضر، وبعضهم كانوا يرجمونه بالحجارة حتى كسروا عظامه. وكان القديس صابرًا على هذا العذاب، ولا يفتر عن ذكر السيد المسيح وهو قائم بينهم مكتوفًا بيديه إلى الخلف.

أرسل الوالي أعوانه فانتشلوه من وسط الجمع وأحضروه أمامه فقال له: "أيها الجاهل لماذا تركت عنك عبادة آبائك واتبعت النصارى المخالفين؟" وكان يجلس بجانب الوالي رجل مغربي شرير فقام وضرب القديس على فمه قائلاً: "وحياة سيدي الملك إذا أطعتني فسأعطيك قطاع الغربية بكمالها، وتكون من جلساء الخليفة ونديمًا له". أجابه القديس: "أيها المسكين المبتعد عن ملكوت الله لو أعطيتني كل ما لسيدك الملك ما جحدت اسم مخلصي الصالح لئلا أكون مثل يهوذا الإسخريوطي الخائن".

تقدم الرجل المغربي وبدأ يعذب القديس فأخذ حبلاً من الليف وربط عنق القديس في ساري مركب، وكان وجه القديس ملتصقًا بالساري وهو موثق بالحبال من الرأس إلى القدمين، فطلب متولي الحرب أن يروه وجهه، فأمسك هذا المغربي بالقديس من عنقه وأدار رأسه إلى الخلف بعنفٍ شديدٍ. ثم عادوا به إلى دميرة القبلية، وأمر هناك أن يُحل من الساري ويسجن في حمام الموصلي، لأنه كان قريبًا على الشاطئ.

حمل بعض الرجال القديس ووضعوه في مكان شرق دار الولاية وقيدوا رجليه في قطعة خشب ثقيلة، وعهدوا به إلى رجلٍ شريرٍ من أشر الغلمان، فما انتصف الليل ظهر رئيس الملائكة ميخائيل للقديس وباركه وعزّاه، وحلّ وثاقه ولمسه بجناحيه فأبرأه من كل جراحاته. ثم اختفى عنه، وقد شهد هذه الحادثة راهب مسيحي اسمه مينا من دير أبو مقار، كان مسجونًا آنذاك مع القديس (وهو كاتب هذه السيرة).

زوجته تفتقده

في ثالث يومٍ من سجنه إذ كان لم يأكل طعامًا دخلت زوجته سيولا لتفتقده، فوجدته قد عُوفي من جميع آلامه التي لحقت به، ففرحت ومجّدت الله.

حاول والي المنطقة إقصاء الثائرين عنه وعرَّفهم بأنه كتب للسلطان يستفهم منه عما يجب عمله بمثل هذا الرجل، وبالفعل تركوه أسبوعًا في السجن بغير أن يتعرضوا له إطلاقًا.

كان الحانقون عليه يعذبونه إلى أن يداخلهم الشك في أنه مات فيتركونه ملقى في السجن ويذهبون لحال سبيلهم، ويعودون إليه في اليوم التالي فيجدونه مازال على قيد الحياة فيعاودون تعذيبه. واستمروا على هذا الحال من الحادي عشر إلى الثامن عشر من بؤونة سنة 695ش (979م). ثم جاءهم رسول السلطان إلى الوالي يحمل خطابًا فيه الأمر بترك جرجس وشأنه، وقد قال الرسول السلطاني شفويًا أن اثنين من سكان القاهرة قد اعتنقا المسيحية، وأن السلطان تركهم وشأنهم. ولكن حدة الغضب التي كانت قد استولت على القلوب جعلتهم يتجاهلون أمر السلطان، ففي صبيحة يوم الخميس 19 بؤونة ذهبوا إلى السجن وقالوا لجرجس بأن عليه أن يختار بين الموت وبين إنكار المسيح. ولكن تهديدهم ضاع هباءً، إذ أعلن لهم استعداده لتقبُّل العذاب لا الموت فقط، وعندها أخرجوه خارج البلدة وساروا به إلى شاطئ البحر وهناك ضربوه على رأسه إلى أن تحطمت، ثم قطعوا جسده ورموا بالأجزاء في البحر.

وحدث في اليوم عينه أن شماسًا كان ماشيًا عند الشاطئ، فسمع صوتًا يقول له: "يا أيها المؤمن المار على هذا الشاطئ، باسم المسيح انتظر إلى أن تقذف الأمواج إليك بجزء من جسد الشهيد جرجس المزاحم. فخذه وأعطه لزوجته المباركة سيولا". وانتظر الشماس حسب الأمر وأخذ الجزء الذي قذفت به الأمواج إلى بيته وأعطاه لأمه وأبلغها الرسالة التي سمعها، فأخذت أمه الرفات ولفته بقماش أبيض وأوصلته إلى السيدة البارة سيولا التي وضعته بدورها في بيت أبيها فترة من الزمن ثم في الكنيسة بعد ذلك، وقد جرت منه آيات وعجائب عديدة.

القمص بيشوي عبد المسيح: الشهيد العظيم مارجرجس المزاحم، 1997.

جرجس بن العميد

عاصر الأنبا كيرلس الثالث البابا السكندري الخامس والسبعين، وكان يلقب بابن المكين. ويعتبر من أراخنة الفكر، كما كان بتولاً، وكان أخوه الأسعد إبراهيم كاتب الجيوش في عهد الملك العادل.

كان قلب ابن المكين ملتهبًا بحب الكنيسة، فترك الجاه العالمي ليعيش في دير الأنبا يوأنس القصير بطره جنوبي القاهرة، حيث كرس نفسه للبحث والدراسة والصلاة والتأمل في عظائم الله، وقد تضلع في القبطية والعربية واليونانية والمنطق والفلك والتاريخ، كما أثبت جدارته في التقوى والتقشف والمحبة، فألبسه رئيس الدير الإسكيم المقدس.

راقب ابن المكين شعبه فوجد غالبيته تائهًا في ظلمة الجهل، ورأى أن يتدارك هذا الجهل قدر إمكانه فانشغل بالكتابة في العقيدة الأرثوذكسية، مبينًا أنها العقيدة التي حافظ عليها الشهداء بدمائهم والمعترفون بآلامهم والآباء بكل جهودهم الفكرية والروحية.

ولا نعرف عن سيرة ابن المكين إلا الأمر الضئيل، ولكنه ترك لنا أربعة ويقع في جزئين أيضًا وهو كتاب في العقيدة كتبه مستلهمًا الآباء، مستعينًا بمؤازرة الروح مؤلفات لها قيمتها هي:

"المستفاد من بديهة الاجتهاد"، الذي امتدح فيه المجدين الكادحين.

تاريخ مدني عنوانه "المجموع المبارك"، ويقع في جزئين تُرجِم الجزء الثاني منه إلى الفرنسية.

بعد أن فرغ من وضع كتابه التاريخي وجد أن المؤرخ المعروف الطبري قد انتقل إلى دار البقاء من غير أن يكمل كتابه فأخذ على عاتقه تكملته.

أما كتابه الرابع فعنوانه "مختصر البيان في تحقيق الإيمان الموسوم بالحاوي"، القدس.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الثالث صفحة 250.

جرمانوس الأسقف

يُعتبر القديس جرمانوس (375 - 437 تقريبًا) أب كنيسة إنجلترا وايرلندا، إذ أعاد لها قوتها بعد انتهاء الاضطهاد الروماني.

ولد القديس جرمانوس في أوسير Auxerre بفرنسا حوالي سنة 378م، ودرس في روما القانون ومارس هناك المحاماة. وتزوج بامرأة اسمها إستوكيا، ثم عاد إلى بلاده حيث اختاره الملك أونوريوس ابن الملك ثيؤدوسيوس الكبير وأقامه مدبرًا وقاضيًا في مدينة أوسير فأحسن التصرف وأحبه الجميع.

سيامته أسقفًا

كان الحاكم جرمانيوس محبًا للصيد، وكان كلما اصطاد وحشًا يعلق رأسه على شجرة قديمة في وسط المدينة بقصد الاعتزاز والافتخار بقدرته على الصيد. لكن بعض الوثنيين كانوا يفعلون ذلك بقصد ممارسة العبادة الوثنية.

التقى به الأسقف أماتور وتحدث معه عن خطورة ما يفعله، لكن عشقه للصيد واعتزازه بهذه الهواية سدّ أذنيه عن الاستماع إلى الأسقف.

إذ تطور الأمر جدًا رأى الأسقف أن يكون حازمًا، ففي أحد الأيام إذ كان الحاكم جرمانيوس خرج للصيد أمر الأسقف بقطع الشجرة. عاد الحاكم ووجد الشجرة مقطوعة، فغضب جدًا وهدد بقتل الأسقف. أما أماتور فإذ يعلم طيبة قلب الحاكم وحسن تصرفه فيما عدا ما يمس هوايته في الصيد وما يتبع ذلك من تعليق رؤوس الوحوش على الشجرة هرب إلى مدينة أوتون والتجأ إلى أسقفها، وهنك اختلى مع الله، فكان يصلي ليلاً ونهارًا طالبًا ليس خلاصه من يد الحاكم، بل خلاص نفس الحاكم.

شاهد الأسقف أماتور رؤيا غريبة جاء فيها أن جرمانيوس يخلفه على كرسي الأسقفية، وإذ تأكد من الرؤيا فرح جدًا وعاد إلى بلده متهللاً من أجل غنى نعمة الله.

التقى به رجال الإكليروس بإكرام جزيل وسرور وكان معهم الحاكم الذي كان قد هدأ غضبه، وربما حزن على ترك أماتور الأسقفية. وقف الأسقف أماتور يتحدث فقال للإكليروس، إني أقدم لكم نبأ سماويًا يفرح قلوبكم. لقد شاهدت رؤيا وعلمت أن قلب جرمانيوس كقلب الله، إنه سيكون خليفتي على كرسي الأسقفية.

دهش الجميع لما قاله الأسقف…

صلى الأسقف على رأس الحاكم وسامه كاهنًا، وكان الكل متحيرًا لما يحدث. أما جرمانيوس فكانت الدموع تتسلل من عينيه وقد صمت لسانه تمامًا.

عاد الحاكم إلى بيته يروي لزوجته ما حدث، فشكرت الله وسبحته، وانفصلت عنه ليعيشا في حياة البتولية.

بعد قليل تنيح الأسقف أماتور، وأختير الكاهن جرمانيوس أسقفًا، وكان ذلك في عام 418م. وأدى اختياره لهذه الكرامة إلى إحساسه العميق بالمسئولية، فترك كل تعلق بالماديات، وصار مضيفًا للغرباء وغاسلاً أرجل الفقراء ومطعمًا إياهم بينما يظل هو صائمًا. وبنى بالقرب من المدينة ديرًا على اسم القديسين قزمان ودميان، ورمم كنائس المدينة.

نسكه

بعد سيامته امتنع عن أكل خبز القمح، بل كان يطحن الشعير ويعجنه بنفسه، كما امتنع عن استخدام الزيت. اختار ثيابٍا رخيصة للغاية، وكان يقول: "ينبغي على الأسقف أن يحصل على اعتبار الناس لا بحسن ثيابه بل بسمو فضائله". كثيرًا ما كان يلبس المسوح، ويوزع ثيابه على الفقراء العُراة.

في ذلك الوقت عانت الكنيسة في إنجلترا من بدعة ظهرت هناك، وهى بدعة بيلاجيوس Pelagius الذي أنكر الخطية الجدية وأهمية عمل النعمة لخلاص الإنسان. اختير القديس جرمانيوس مع القديس لوباس Lupus للذهاب إلى هناك سنة 429م لمقاومة هذه البدعة. وبعد معاناة في السفر وصلا إلى هناك، وذاع صيتهما ومعجزاتهما، وثبتا الإيمان، وأعادا الكثير من الهراطقة إلى الإيمان السليم، بعد أن عقدا مناظره معهم وأفحماهم بقوة رداهم إلى الإيمان الإنجيلي. وبعد انتهاء مهمتهما عادا كل واحد إلى مقر خدمته.

ومن إشفاقه على شعبه انه طلب إلى الحاكم - الذي كان قد شفى زوجته - أن يعفيهم من الضرائب التي كانت تثقل كاهلهم، فأجابه إلى طلبه.

في سنة 440م عادت البيلاجية للظهور مرة أخرى في بريطانيا، فطلبوا من القديس أن يرجع مرة أخرى إلى هناك، فقضى على الهرطقة بالتعليم السليم وعمل المعجزات حتى رد كل الهراطقة إلى الإيمان. وإذ علم أنه لا يمكن تثبيت الإيمان والقضاء على الجهل ما لم يتم تعليم رجال الدين أولاً، أسس معاهد دينية لتعليمهم الإيمان السليم.

معجزاته

من أجل محبته لله ولشعبه وهبه الله صنع الآيات والعجائب أينما حلّ.

مما يُحكى عنه أنه في زيارته الأولى لبريطانيا تعرضت البلاد لغزو الأعداء، فدعاه أهل البلاد للحضور إلى معسكرهم للتبرك بوجوده وبصلواته. فأجابهم إلى طلبهم، وعمل في أثناء ذلك على دعوة غير المؤمنين إلى المسيحية حتى تعمد الكثير منهم، وبنوا كنيسة احتفل فيها الجيش كله بعيد القيامة. وبعد العيد إذ أراد تجنيبهم سفك الدماء، قاد الجيش إلى وادٍ بين جبلين عاليين وطلب إليهم عند إشارته أن يصرخوا بصوت عالِ "هلليلويا"، فظن الغزاة حين سمعوا صدى الصوت يرن بين الجبلين انهم محاطون بجيشٍ عظيم، فرموا أسلحتهم وفروا هاربين.

يروي عنه أيضًا أن رسولاً جاء إليه من بريطانيا يطلب منه باسم الشعب أن يشفع فيهم لدى الإمبراطور، لأنهم ثاروا ضده فأرسل وكيله أيسيوس أحد قواده العنفاء مع جنده للانتقام. أسرع الأسقف بالسفر، والتقى بالقائد، وطلب منه أن يترفق بالشعب فرفض. أمسك الأسقف بعنان جواده وضبطه، فتعجب القائد من شجاعته، وتعهد ألا ينتقم من الشعب حتى يذهب الأسقف إلى الإمبراطور ويطلب العفو عن الشعب. بالفعل ذهب الأسقف إلى إيطاليا. نزل في بيت كاهنٍ صديق له، فقدم له ابنة خرساء دهنها بالزيت بعد أن صلى عليها فانفتح لسانها. وفي طريقه أيضًا التقى بشيخ يحمل حملاً ثقيلاً يريد عبور النهر. فحمل عنه ما لديه وعبر به ثم عاد وحمل الشيخ نفسه وعبر به، مع أن الأسقف كان قد طعن في السن وضعف جسده جدًا بسبب تقشفه. أخيرًا إذ وصل إلى رافينا التقى به أسقفها بطرس خريزلوغوس، كما استقبله الملك فالنتينيان الثالث والملكة أمه غالا بلاسيديا بإكرام جزيل. وُهب له أن يقيم ابن كاتب أسرار الملك الذي سقط في النار ومات. قبل الملك شفاعة الأسقف وعفا عن أهل بريطانيا. قيل أيضًا أنه مرّ بجوار السجن فصرخ الذين فيه يطلبون افتقادهم. خشي الحراس أن يطلب منهم أن يفتح أبواب السجن، فأغلقوا الأبواب وهربوا، أما هو فرفع الباب بيده فانفتح. جلس مع المسجونين وتحدث معهم ثم أخذهم معه إلى الملك، وشفع فيهم فعفا الملك عنه.

حينئذ قال للأساقفة الذين معه أن وقت انحلاله قد حضر، وطلب من الملكة التي كانت تهتم بصحته أن تنقل جسده إلى مدينته. وبالفعل تنيح هذا القديس في 31 يوليو سنة 448م، وكان عمره سبعين سنة.

Butler, August 3.

جرمانيكوس الشهيد

لا نعلم عن القديس جرمانيكوس إلا ما تعلمناه من المسيحيين في سميرنا في كتابتهم عن الاضطهاد الذي أدى إلى القبض على القديس بوليكاربوس. كان ذلك في عهد الإمبراطورين ماركوس أنطونيوس ولوسيوس أوريليوس.

جاء في هذه الرسالة:

"جرمانيكوس شاب نبيل، كان على وجه الخصوص متفوقًا كشهيد. إذ كانت نعمة اللّه تسنده، غلب الخوف الطبيعي من الموت المغروس فينا…

كان البار جرمانيكوس يشجعهم على قهر الخوف بثباته، وشجاعته أمام الحيوانات المفترسة. ذلك أن الوالي حين أراد استمالته للإشفاق على ذاته وشبابه، اندفع الشهيد بقوة وجذب الوحش المفترس نحوه، مشتهيًا أن ينطلق إلى حياة البرّ والحق. عند ذلك أخذت الجموع المحتشدة لمشاهدة اضطهاد المسيحيين تصرخ: "خذوا الكفرة! ابحثوا عن بوليكاربوس!"

تجدر الإشارة أن ما فعله جرمانيكوس هو بالضبط ما رغب أغناطيوس الانطاكي في عمله، وهو أن يثير الوحش ليهاجمه، لكي يتحرر سريعًا من هذا العالم.

بهذا حقق جرمانيكوس - الذي طُحن بأسنان الوحش - شهوته في أن يصير واحدًا مع الخبز الحقيقي يسوع المسيح، حينما استشهد من أجل اسمه، وكان ذلك حوالي سنة 155م.

Butler, January 19.

جريجوري أوإغريغوريوس القديس

إذ كان فلاكيوس Flaccus عنيفًا للغاية عينه الإمبراطور ماكسيميانوس واليًا على Umbria لكي يستأصل المسيحية تمامًا. جاء فلاكيوس إلى مدينة Spoleto ودعى كل الشعب ليجتمع معًا في المسرح العام. وهناك قال لتيركانوس Tircanus رئيس القضاة: "هل تركتْ كل هذه الجماهير عبادة الآلهة الخالدة؟"

أجاب رئيس القضاة: "الكل يعبدون Jove ومينرفا واسكيلابيوس Aesculapuis. إنه يوجد في المدينة رجل واحد يُدعى جريجوري ألقى تماثيل الآلهة على الأرض". عندئذ أمر الوالي الجديد أربعين جنديًا أن يُحضروا جريجوري. وبالفعل أحضروه أمام الوالي ورئيس القضاة وطُلب منه أن يتعبد للآلهة الوثنية، أما هو فقال أنه متأكد أن هؤلاء ليسوا إلا شياطين.

أمر الوالي بضربه حتى يكف عن التجديف. وإذ لم يتوقف ألقوه في إناء حديدي موضوع على نار. لكن حدثت زلزلة قلبت الإناء قبل أن يُشوى جرجوري. وانهارت ربع مباني المدينة، ودفن 450 تمثالاً وسط الخرائب.

رٌبط جريجوري بسلاسل وأُودع في السجن. ضربوا ركبتيه بمسامير ضخمة من الحديد، وأخيرًا قطعوا رأسه في 24 ديسمبر سنة 303م.

لا تزال بعض رفاته موجودة في كاتدرائية كولونية Cologne، والبعض في مدينة Spoleto.

يُعيد له الغرب في 24 من ديسمبر.

Baring - Gould: Lives of the Saints, December, 24.

جريمونا العذراء الشهيدة

كانت ابنة أحد الرؤساء الوثنيين في ايرلندا، ولما بلغت الثانية عشرة من عمرها تحولت إلى المسيحية ونذرت حياة البتولية. أراد والدها تزويجها ولما رفضت حبسها في محاولة للضغط عليها، إلا أنها هربت من حبسها وذهبت إلى فرنسا حيث عاشت متوحدة في إحدى الغابات، وكانت قمة فرحتها ونشوتها أن تتأمل جمال خليقة الله.

بعد بحث طويل عثر رجال أبيها عليها، وخيَّروها بين العودة معهم للزواج أو القتل، فلما ظلت ثابتة على نذرها قطعوا رأسها بالسيف. وقد بُنِيت كنيسة فوق قبرها اشتهرت بكثرة معجزاتها، وحول هذه الكنيسة بُنيت بلدة فيما بعد.

Butler, September 7.

جلاذينوس الشهيد

ممثل مازح ينال العماد

استشهد هذا القديس في أوائل حكم الإمبراطور قسطنطين الكبير. وكان من مدينة مارمين بالقرب من دمشق وعلى بعد ميل منها، وكان يعمل بالتمثيل مع جموع من الناس كرسوا أنفسهم لعبادة الأوثان وهم من سكان مدينة هليوبوليس في لبنان.

عندما اجتمعوا ذات يوم في المسرح وجمعوا فيه الممثلين، قام هؤلاء بسكب ماءٍ باردٍ في حوض نحاسي كبير، وابتدأوا يتكلمون بتهكم عن الذين يذهبون إلى معمودية المسيحيين المقدسة. ثم غطّسوا أحد هؤلاء الممثلين واسمه جلاذينوس في الماء فعمدوه ثم أخرجوه وألبسوه ثوبًا أبيض على سبيل التمثيل.

بعد ما خرج هذا الممثل من الماء امتنع عن الاستمرار في التمثيل وأعلن أنه يفضل الموت مسيحيًا على اسم السيد المسيح، وأضاف إلى ذلك قائلاً: "إنه عندما كنتم تهزءون أثناء تجديد ماء المعمودية المقدسة شاهدت معجزة عجيبة". فاستاء الحاضرون منه واستشاطوا غضبًا لأنهم كانوا وثنيين، وقبضوا على القديس ورجموه فنال إكليل الشهادة. بعد ذلك حضر أهله وكثير من المسيحيين وأخذوا جسده ودفنوه في المدينة وبنوا كنيسة على اسمه.

تتشابه سيرته مع سيرة جينيسيوس المهرج الشهيد St. Genesius كما سنرى، وربما هو نفس الشخص.

السنكسار، 12 برمهات.

جلاسيوس الأسقف

أسقف قيصرية في فلسطين Caesarea in Palestine في السنوات 367 إلى 395م، وقد اشتهر بنقاوة عقيدته وإيمانه وقداسة سيرته وحياته.

كان ابن أخت القديس كيرلس أسقف أورشليم، والذي اختاره أسقفًا لقيصرية سنة 367م. وأثناء حكم الإمبراطور فالنس Valens، فَرَض هذا الإمبراطور الأريوسي أسقفًا أريوسيًا دخيلاً اسمه يوزويوس Euzoius على قيصرية، هذا الأسقف مَنَع جلاسيوس من مزاولة نشاطه ومسئولياته كأسقف. وبعد وفاة فالنس وجلوس ثيئودوسيوس Theodosius سنة 379م، طُرِد يوزويوس واستعاد جلاسيوس كرسيه حتى وفاته سنة 395م.

وقد حَضَر جلاسيوس مجمع القسطنطينية المسكوني سنة 381م، وكان قد زار هذه المدينة سنة 354م واشترك في تدشين كنيسة الرسولين بطرس وبولس التي شيدها روفينوس Rufinus. ومن أعمال جلاسيوس استكماله لتاريخ الكنيسة ليوسابيوس، والذي قام به بطلب من خاله كيرلس، وقد فُقِدت كتاباته ماعدا بعض الأجزاء القليلة.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 621.

جلاسيوس الأسقف الشهيد

هو ثالث أسقف لأرِّيتيوم Arretium (Arezzo) سنة 366م، وجلس على كرسي الأسقفية خلفًا لدوناتُس Donatus، وخَلَفه دوميتيانوس Domitianus.

يقال أن جلاسيوس قد عمَّد كل بيت أندرياس Andreas أحد نبلاء مدينة أرِّيتيوم، الذين بلغ عددهم ثلاثة وخمسون شخصًا استشهدوا كلهم فيما بعد. ويقال أن جلاسيوس نفسه قد أنهى حياته شهيدًا.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 621.

جلاسيوس القديس

ولد هذا القديس من أبوين مسيحيين وقد ربياه تربية مسيحية وعلماه علوم الكنيسة ثم قدّماه شماسًا، فأجهد نفسه في طاعة المسيح وحمل نيره، وذهب فترهب في برية شيهيت. وبعد زمن رُسم قسًا فأرشده ملاك الرب إلى مكان بعيد وهناك جمع حوله جماعة من الرهبان فكان لهم خير مثالٍ، وكان يحسب نفسه كواحدٍ منهم.

تناهى في الصبر وطول الأناة وقد نسخ الكتاب المقدس ووضعه في الكنيسة ليقرأ فيه من يشاء من الرهبان.

حدث أن زاره مرة رجل غريب وسرق هذا الكتاب وعرضه للبيع فاشتراه أحد الناس وأراد أن يعرف قيمته فذهب به إلى القديس جلاسيوس وأراه إياه فعرف أنه كتابه. فقال له: "بكم باعك صاحبه؟" فقال: "بستة عشر دينارًا". فقال له: "إنه رخيص فاشتره". فعاد به إلى منزله ولما جاء البائع لأخذ ثمنه قال له أنني أريته للأب جلاسيوس فقال إن الثمن كثير. فقال له "" أما قال لك شئ آخر؟ "فقال:" لا ". فقال:" إنني لا أريد بيعه ". ثم أخذ الكتاب وتوجه به إلى الأب جلاسيوس وقدمه له باكيًا نادمًا على فعله فلم يقبله منه. وبعد إلحاحٍ شديدٍ ودموعٍ كثيرةٍ قَبِل أن يسترده.

منحه الله نعمة عمل المعجزات، منها أنه أُهدي إلى الدير في أحد الأيام مقدارًا من السمك. فبعد قليه وضعه الطباخ في مكان ووكل بحراسته أحد الغلمان. وهذا أكل منه جزءًا كبيرًا. فلما عرف ذلك الطباخ غضب على غلامه لأنه أكل منه قبل وقت الأكل وقبل أن يباركه الشيوخ ضربه ضربة قضت عليه. ففزع الطباخ وذهب إلى القديس جلاسيوس وأعلمه بما جرى منه، فقال له خذه وضعه في الكنيسة أمام الهيكل واتركه. ثم جاء الشيخ والرهبان إلى الكنيسة وصلوا صلاة الغروب. وبعد ذلك خرج الشيخ من الكنيسة فقام الغلام وتبعه. ولم يعلم أحد من الرهبان بهذا إلا بعد نياحته بعد أن أكمل حياته بشيخوخة صالحة.

السنكسار، 12 أمشير.

جلاسيوس القيصري

تنيح عام 395م، وكان أسقفًا على قيصرية فلسطين (367 - 395م). ابن أخت القديس كيرلس الأورشليمي.

بسبب إيمانه المستقيم وتمسكه بمجمع نيقية اُستبعد من كرسيه في عهد الملك فالنس Valens، واقيم يوزوليوس Euzolus عوضًا عنه. عاد إلى كرسيه في عهد الملك ثيؤدوسيوس عام 379م. اشترك في مجمع القسطنطينية عام 381م.

وضع الكتب التالي:

كتب مقالاً ضد أتباع أونوميوس Eunomians ناكري لاهوت السيد المسيح.

تكملة لكتاب "التاريخ الكنسي" ليوسابيوس القيصري.

كتب تفسيرُا للرموز Expositio Symboli، وهو عمل لم يبقَ منه سوى شذرات، ربما يرتبط بما كتبه خاله "محاضرات للموعوظين Catechetical Lectures".

E. Ferguson: Encyclopedia of Early Christianity, 1990, p. 364,

The Oxford Dictionary of the Christian Church, 1974, p. 552

جلاسيوس الناسك

كان معاصرًا للأنبا بطرس الثاني البابا السكندري الحادي والعشرين. ويُعد من أبرز الآباء الذين سهروا على الشعب في غيبة البابا أثناء اختفائه بسبب الأريوسيين، حتى أنه يُلَقَب بالمُحارِب. فلقد أدى هذا الناسك للشعب السكندري في شدته خدمات جمة وهو في رتبة الشماسية.

زهد العالم وذهب إلى برية شيهيت حيث أهَّلته جهوده الروحية أن يرعى الرهبان المقيمين في تلك المنطقة المقدسة، فأقيم أبًا على نساك كثيرين.

كان يقضي أوقاته في نسخ الكتب المقدسة وتسليمها إلى نساك ديره ليتعلموا منها الحكمة الإلهية. وقد قام نساكه بدورهم بكل ما يلزم الشعب من خدمات دينية أهَّلتهم لأن يقفوا في وجه كل اضطهادٍ دينيٍ.

قصة الكنيسة القبطية، الكتاب الأول صفحة 349.

جلاسيوس سوزيكوس

في أواخر القرن الخامس، وهو مؤرخ كنسي كتب Historia Ecclesiastica عن أحداث مجمع نيقية عام 325م، اعتمد فيه على مصادر أمينة.

كتب Syntagma أي "تجميع لأعمال مجمع نيقية (325م)"، بقصد تفنيد القول بأن الإيمان بالطبيعة الواحدة يطابق الإيمان النيقوي.

PG 85: 1191 - 1360.

جليسيريا العذراء والشهيدة

قصة استشهاد عذراء مسيحية شجاعة. يُقال أنها ابنة أحد أعضاء مجلس الشيوخ الروماني، وكانت تعيش في تراثيا بتراجانوبوليس Trajanopolis.

إذ جاهرت بإيمانها المسيحي في حضور الوالي سابينوس Sabinus، قُبض عليها واُقتيدت إلى معبد الإله جوبيتر للتبخير فيه. لكن بدلاً من التبخير دفعت التمثال بشدة فسقط على وجهه وتحطم.

علقوها من شعرها وضربوها بعصي من حديد، فلم تؤذها، ثم وضعوها في السجن ومنعوا عنها الطعام وجاء ملاك يطعمها. بعد ذلك وضعوها في فرن مُحمى بالنار والرب أطفأه. وأخيرًا ألقوها للوحوش، لكنها استشهدت قبل أن تفترسها، وذلك حوالي سنة 177م.

Butler, May 13.

جنفياف القديسة

بتوليتها

القديسة جنفياف مثال البتولية، وحامية فرنسا.

في عام 429م في طريقه إلى بريطانيا لمقاومة بدعة بيلاجيوس، تقابل القديس جرمانوس Germanus of Auxerre في قرية ننتير Nanterre بالقرب من باريس مع فتاة صغيرة تبلغ حوالي السادسة من عمرها، تدعى جنفياف، أخبرته أن شهوة قلبها أن تحيا بالكامل للَّه فقط، فشجعها القديس على ذلك.

استدعى القديس جرمانيوس والديها وقال لهما إن السماء قد فرحت جدًا بميلاد بنتهما السعيدة، لأنها ستكون سببًا لخلاص الكثيرين.

حين بلغت الخامسة عشرة من عمرها استلمت من أحد الأساقفة لباس العذارى المكرسات.

في رعاية الغنم

كان والدا القديسة جنفياف فقيرين، قبِلا الإيمان المسيحي وتركا عبادة الأوثان.

طلب منها والدها أن ترعى غنمه، وكان عددهم قليلاً. وجدت جنفياف في رعاية الغنم فرصة رائعة لتقضي أغلب يومها وسط المراعي تمارس حياة الصلاة والعبادة لعريسها المحبوب يسوع المسيح.

شعرت والدتها بأن جنفياف تقضي ساعات طويلة في العبادة، وعبثًا حاولت أن تثنيها عن ذلك.

في يوم عيدٍ أرادت الأم أن تعاقب ابنتها على مبالغتها في العبادة، فأمرت جنفياف أن تمكث في المنزل ولا تذهب معها إلى الكنيسة. بدموعٍ غزيرةٍ طلبت جنفياف من الأم ألا تحرمها من التمتع بعيد عريسها السماوي. احتدمت الأم غضبًا، ولطمت ابنتها على وجهها وصممت ألا تمضي معها إلى الكنيسة. أُصيبت الأم بالعمى وبقيت تُعاني منه لمدة عامين. أخيرًا بروح منكسرة قدمت الأم لابنتها قليلاً من الماء، وطلبت منها أن تصلي عليه، ثم غسلت به عينيها فأبصرت للحال.

توفى والداها فذهبت لتعيش مع أشبينتها في باريس، وكرست كل وقتها للصلاة وخدمة الآخرين، لكنها قوبلت بمعارضة وسخرية حتى بعد أن زارها القديس جرمانوس مرة أخرى.

مرضها

أُصيبت جنفياف بمرضٍ عضالٍ، حتى أوشكت أن تموت، إذ صارت في غيبوبة لمدة ثلاثة أيام. لكن الله وهبها رؤيا تعزيها، إذ رأت القديسين في مجدهم، والأشرار في عذاباتهم، وأن نفسها انطلقت كما إلى جبل الجلجثة ورأت السيد المسيح مصلوبًا.

نُقشت هذه الرؤيا في أعماقها، وكانت سندًا لها في جهادها.

مرة أخرى أصيبت بالبرص فتركها الجميع، لكن الله شفاها وصارت مرشدة للعذارى في باريس.

معرفة أسرار الغير

من أجل محبتها الشديدة لخلاص اخوتها وهبها الله عطية معرفة أسرار أفكار الناس وما يدور في أعماقهم، فكانت تحثهم على التوبة.

سقطت فتاة نذرت البتولية في خطية الزنا، فالتقت بها القديسة ونصحتها بالتوبة. خجلت الفتاة إذ أدركت أن القديسة عرفت مكان الخطية وتاريخ السقوط والساعة…

بناء كنيسة

كشفت القديسة جنفياف لبعض الكهنة عن اشتياقها لبناء كنيسة باسم الشهيد ديونيسيوس، لكنهم رأوا استحالة ذلك لعدم وجود مواد للبناء. في الغد اكتشفوا وجود مواد بناء في غابةٍ قريبةٍ جدًا من باريس، فقاموا ببناء الكنيسة.

وهب الله القديسة إمكانية إخراج الشياطين. وتمت على يديها عجائب كثيرة، وبسبب الغيرة اتهمها البعض بالخداع لكن القديس جرمانيوس دافع عنها.

محاولة حرقها

قيل أن الملك الوثني أتيلا بعد انتصاره على مملكة النمسا دخل بلاد فرنسا بنصف مليون جندي حتى اقترب من باريس. أراد الشعب في باريس أن يهرب إلى المدن القريبة الحصينة، لكن القديسة جنفياف أقنعت بعض النساء بأن الملك لن يمس باريس، وهن اقنعن أزواجهن. غير أن البعض ظنوا أنها ساحرة وتآمروا عليها لحرقها. أرسل القديس جرمانيوس من إيطاليا وكيله وهو كاهن تقي جاء إلى باريس ودافع عن القديسة، خاصة وأن نبوتها قد تحققت.

شجاعتها ومحبتها للناس

جاء ملك آخر اسمه مرواح، حاصر مدينة باريس، وحدثت مجاعة عظيمة حتى أن بعض الفقراء ماتوا في الشوارع. تألمت القديسة جدًا.

قادت جنفياف قافلة عبر النهر لتُحضر الغذاء للسكان الذين يعانون من الجوع، عادت بأكثر من عشرة مراكب مشحونة قمحًا. ومن شدة حبها وعطفها على الناس طلبت بشجاعة مرتين من القادة الحربيين أن يطلقوا سراح أسرى الحرب، وفي المرتين نالت ما طلبته.

مع سيلينيا

التقت بها فتاة تُدعى سيلينيا، وكانت من الأشراف. إذ تحدثت معها عن الحياة البتولية وكيف يتشبه البتوليون والعذارى بالملائكة فسخت الفتاة خطبتها مع شاب غني جدًا. إذ سمع الشاب بذلك جاء في غضبٍ ليقتل الاثنتين، لكنهما هربتا إلى الكنيسة حيث انفتح لهما باب الكنيسة المُغلق، وأغلق فورًا بطريقة فائقة، وبهذا لم يلتقٍ بهما الشاب.

نسكها

كانت لا تأكل إلا في يومي الأحد والخميس، وكان طعامها هو خبز شعير وفول مسلوق، ولا تشرب إلا الماء، وكانت ترتدي المسوح، وترقد على الأرض بغير فراشٍ، وتقضي ساعات طويلة بالليل في الصلاة.

كانت نياحتها حوالي سنة 500م.

من المعجزات التي تروى عنها بعد نياحتها والتي تعكس شدة حبها وإشفاقها على الناس ما حدث سنة 1129 م حين ظهر وباء في فرنسا، فحمل الشعب جسدها وطافوا به في المدينة فانتهى الوباء في الحال. ومازالت الكنيسة هناك تعيّد بتذكار هذه المعجزة إلى الآن، وذلك في 3 يناير.

The Penguin Dictionary of Saints, Second edition page 145.

الأب بطرس فرماج اليسوعي: مروج الأخيار في تراجم الأبرار، بيروت 1877.

جورج وفرونتو الأسقفان

في نظر الغرب كان هذان القديسان أول المبشرين في بِيريجوره Perigueux وما حولها. يُقال أن فرونتو كان يهوديًا من سبط يهوذا وُلد في ليكؤنية Lycaonia. وقد آمن بالسيد المسيح حين رأى المعجزات التي حدثت على يديه، وتعمد بيد بطرس الرسول، وصار واحدًا من الاثنين والسبعين رسولاً.

يقول كتَّاب بيريجوه أنه كان حاضرًا في تأسيس سرّ الإفخارستيا، وشهد القيامة. بعد الصعود صحب بطرس الرسول إلى انطاكية. ثم أُرسل مع الكاهن جورج ليبشرا في بلاد الغال. وفي الطريق توفي جورج، لكنه عاد إلى الحياة بمجرد أن لمسته عصا استلمها فونتو من القديس بطرس الرسول.

إذ وصلا إلى Valence، بقي جورج هناك وصار أسقفًا عليها، واتجه فرونتو إلى بيريجوه ومعه تلميذ آخر اسمه اجنان Aignan. هناك أنقذ سيدة شريفة كانت قد فقدت عقلها إذ سكنها شيطان، وتُدعى ماكسميلا Maximilla، فطلبت العماد. وكان زوجها شيلبريك Chilperic يُعاني لفترة طويلة من الفالج، وبصلاة فرونتو شُفي.

تكللت كرازة القديس فرونتو بالنجاح، وتأيدت خدمته بالكثير من المعجزات المبهرة، وكان مركز خدمته هو مدينة بيريجوه Perigueux، والتي يُعتبر أول أسقف لها.

كان في بيريجوه هيكل فينوس Venus، دخله فرونتو وكسر تمثال الإله فينوس. خرج من التمثال تنين قتل سبعة رجال، وكان التنين يضرب بذيله العابدين في الهيكل، لكن القديس فرونتو رسم عليه علامة الصليب فاختفى. وأقام القديس القتلى وشفى جراحات الآخرين.

بشر القديس في Saintes, angoulême, Brantome ثم ذهب إلى Brodeaux حيث قبض عليه الكونت Sigbert. شفاه القديس من مرض الفالج فسمح له الكونت ببناء كنيسة باسم القديس إسطفانوس. كما قام ببناء كنيسة في Blaue باسم القديس سافيور (ربما باسم المخلص Saviour)، وأخرى في Neuilly.

قيل أنه في عيد البنطقستي إذ جاء وقت إقامة القداس الإلهي اكتشفوا عدم وجود "أباركة" (خمر)، فصلى. فجأة جاءت حمامة بيضاء تمسك بمنقارها زجاجة بها أباركة قدمتها للقديس، بقيت هذه الزجاجة في الكنيسة التي في Neuilly كأثرٍ مقدسٍ.

اتجه نحو الشرق والتقى بالدوق لورين Lorraine أو Lotharius والذي آمن على يديه.

قدم تاريخه قصصًا كثيرة عن عجائب الله معه، غايتها إيمان الكثيرين والشهادة للعمل الإنجيلي.

يروي عنه قصة غريبة أنه إذ رجع إلى مدينة بيريجوه كانت هناك سيدة تريد أن تحمّي رضيعها وكعادة تلك المدينة في ذلك الوقت تضع السيدة الطفل في إناء، وتوقد تحته نارًا هادئة حتى تصير المياه دافئة ثم تنزله وتحمّيه. إذ سمعت السيدة بخبر قدوم فرونتو وكانت قد وضعت رضيعها في الإناء ولم تسكب بعد الماء خرجت ترى موكب استقبال القديس ونسيت رضيعها، وعادت بعد حوالي نصف ساعة فوجدت الإناء به ماء يغلي والرضيع يلاغي بصوتٍ عالٍ في قماطه بجوار النار.

قيل أنه رأى في حلمٍ القديسين بطرس وبولس وهما يستشهدان، فبنى كنيسة باسمهما.

لاازالت رفات القديس في كاتدرائية بيريجوه Perigeux.

أما القديس جورج فبشر في فيلاي Velay ويعتبر أول أسقف على لى باي Le Puy.

Butler, October 25.

جورجونيا القديسة

أسرة جورجونيا

شخصية جورجونيا رائعة، وأسرتها تمثل نموذجًا حيًا للأسرة المسيحية التي تحيا بالإيمان الحيّ العامل بالحب. فوالدها غريغوريوس الذي جذبته زوجته نونا Nonna، لا ليؤمن بالسيد المسيح فحسب، بل ويصير أسقفًا فيما بعد.

امتدح القديس غريغوريوس النزينزي والده غريغوريوس ووالدته نونا قائلاً إنهما دُعيا إبراهيم زمانه وسارة زمانها، إذ تبررا مثل إبراهيم بالإيمان. بل يتجاسر فيقول أن والدته نالت كرامة أكثر من سارة.

فمن كلمات القديس غريغوريوس في مديحه لوالديه:

[هوذا الراعي الصالح هو ثمرة صلوات زوجته وإرشادها، وقد تعلم منها حياته الرعوية المثالية.

بقوة هرب من عبادة الأوثان، وبعد ذلك صارت الشياطين تهرب منه…

لقد صارا متساويين في التعقل والبهاء، غيورين يسندان بعضهما البعض، يطيران فوق الجميع...

كان لهما جسدان، ولكن كأنه قد تحول الجسدان إلي روحٍ، حتى قبل انحلالهما.]

أكمل القديس غريغوريوس مديحه لوالديه اللذين جحدا العالم تمامًا لكنهما كانا يملكان كل شيء ولا يعوزهما شيء. لقد رفضا الغني فصارا غنيين في الكرامة …

أخيرًا قال: [أقول فقط كلمة واحدة عنهما، أنهما بحقٍ وعدلٍ قد عُين كل واحدٍ منهما لجنسه، عُين هو زينة للرجال، وهي زينة للنساء، ليس فقط زينة، بل ومثالاً للحياة الفاضلة.]

هي الأخت الكبرى للقديس غريغوريوس النزينزي St. Gregory Nazianzen والقديس قيصاريوس St. Caesarius. وقد تزوجت وأنجبت ثلاثة أبناء، أنشأتهم نشأة مسيحية كما تربت هي نفسها.

أحبت هذه القديسة الكنيسة خاصة تسابيحها وخدمتها والاهتمام باحتياجاتها، وعاشت في مخافة الله، سخية مع الفقراء.

تعمدت في سن متقدمة هي وزوجها وأبناؤها وأحفادها. وعند نياحتها نحو سنة 372م رثاها شقيقها غريغوريوس معددًا فضائلها وثمارها الصالحة، وتعتبر هذه العظة مصدر معلوماتنا عن حياتها.

مديح القديس غريغوريوس النزينزي للقديسة

تطلع أخوها الأصغر منها القديس غريغوريوس النزينزي إليها كنموذجٍ حيٍّ للإنسان المسيحي، وقد تأثر بها جدًا، إذ كان مغرمًا بتقواها وورعها.

وأخوها الآخر قيصريوس، غالبًا أكبر منها، كان طبيبًا تقيًا ونابغًا نال مركزًا مرموقًا في القصر بالقسطنطينية.

سندت القديسة زوجها أليبوسAlypius بل وقادته في طريق الفضيلة والتقوى. أما ابناها فقد سيما أسقفين.

حين وقف أخوها الأسقف غريغوريوس يرثيها في حضور أبيها الروحي فوستينوس أسقف أيقونية، وزوجها شعر بصعوبة بالغة إذ أدرك أن الكلمات تعجز عن أن تعلن عما بلغته.

في مديحه لها قال إنه لم يستخدم الكلمات البراقة لأنها كانت في حياتها لا تتحلى بالزينة الخارجية، وكان تخليها عن الحلي هو جمالها.

[موطن جورجونيا كان أورشليم العليا (عب22: 12، 23) … التي يقطنها المسيح، ويشاركه المجمع وكنيسة الأبكار المكتوبين في السماء…]

[بالنسبة للحديث عن سمو فضائلها بين أناسٍ يعرفونها، فليساهم كل واحدٍ منهم فيه ويعينني، لأنه يستحيل علي شخصٍ واحدٍ أن يسد كل النقاط، مهما كانت قدراته علي الملاحظة والتعقل.]

[إن كانت قد ارتبطت باتحادٍ جسديٍ، لكنها لم تنفصل عن الروح، ولا لأن رجلها كان رأسها تجاهلت رأسها الأول (السيد المسيح) …

لقد ربحت زوجها إلي جانبها، وجعلت منه عبدًا شريكًا معها بدلاً من سيدٍ عنيفٍ.]

[جعلت من ثمار جسدها، أي من أبنائها وأحفادها، ثمارًا لروحها، مكرسة للَّه ليس فقط نفسها الوحيدة بل كل الأسرة وأهل بيتها.]

[بخصوص تعقلها وتقواها ليس من إمكانية لتقدير ذلك.

إنها لم تجد أمثلة كثيرة حولها سوى والديها حسب الطبيعة وأبوها الروحي (الأسقف)، الذين كانوا النماذج الوحيدة أمامها، والتي لم تفشل في التمتع بأية فضيلة فيهم…]

[أي تعقل كان فيها مثل صمتها؟!

إذ أشير إلي الصمت، أعود إلي أهم ما في شخصيتها اللائقة بالنساء، الأمر الذي يُحسب أهم شئ يخدم هذه الأزمنة.

من لديه معرفة كاملة في الإلهيات سواء في الوصايا الإلهية أو في الفهم مثلها؟! مع ذلك من كانت مستعدة أن يكون قليل الكلام تعرف ما هو حدودها كسيدة؟! "]

[إني لا أتردد في أن أكرمها بكلمات أيوب: بيتها كان مفتوحًا لكل القادمين؛ لن يلجأ غريب إلي الشارع. كانت أعينًا للعميان، وأقدامًا للعرج، وأمًا للأيتام (أي15: 29؛ 32: 31) …

بيتها كان مسكنًا عامًا لكل المحتاجين من أسرتها. وممتلكاتها ليست بأقل من أن تكون مشاعًا للمحتاجين الذين كانوا يشعرون بملكيتهم لها أكثر مما هو ملك لهم.]

[كل ما استطاعت أن تنتزعه من رئيس هذا العالم أودعته في أماكن أمينة. لم تترك شيئًا وراءها سوي جسدها. لقد فارقت كل شيء من أجل الرجاء العلوي. الثروة الوحيدة التي تركتها لأبنائها هي الاقتداء بمثالها، وأن يتمتعوا بما استحقته.]

[وسط هذا الحديث عن شهامتها العجيبة نقول أنها لم تستسلم للترف الجسدي وللتلذذ بالطعام بلا ضابط، هذه الرغبة الحيوانية الثائرة التي تمزق الأعماق. مع أن الذين يستسلمون لإرضاء هذه الشهوة ويعملون بوقاحة علي فعل الخير وإطعام الفقير مقابل ذلك الترف الشخصي هم كثيرون! نتيجة لذلك فهم يجنون شرًا في هذا العمل النبيل بدلاً من مداواة الشر بالخير.

وإذ أخضعت جسدها الترابي بالصوم لم تترك للآخرين تدريبًا أخر مثل استخدامها فراش غير مريح.

وأيضًا إذ عرفت الفائدة الروحية وراء ذلك لم تتوانَ عن اتباع نظامٍ صارمٍ بالنسبة لتقليل ساعات النوم. ورغم تنظيم حياتها علي هذا الأساس وكأنها صارت متمتعة بقهر الجسد، لم تلقِ بجسدها لتتمدد علي الأرض بينما يقضي آخرون الليل منتصبين في حالة من الإماتة التي يتبعها معظم الجبابرة في الجهاد.]

يقول عنها أخوها أنها فاقت ليس فقط النساء بل حتى الرجال الذين نذروا أنفسهم للعمل الروحي. فترنمت بالمزامير بفطنة، وحفظت ما كُتب بالوحي الإلهي وعرفت أسراره الكامنة. كم سجدت بدموعٍ واتضاعٍ لغسل خطيتها بقلبٍ منسحقٍ. والأمر الساحق ولكنه حقيقة واقعة أنها وإن حاكت آخرين بغيرة وسعت لتدرك فضائلهم صارت مثالاً في هذه الفضائل، بل وكانت هي المكتشفة للفضيلة تارة والمتفوقة علي غيرها تارة أخري. إن نافسها آخرون في فضيلة ما تتميز هي بالتحلي بالكثير من الفضائل. هكذا نجحت، ولم يبلغ أحد فضائلها، ولو بصورة أقل في التفوق. نقول أنها إلي هذا المدى قد أدركت الكمال في كل فضيلة حتى أن فضيلة واحدة منها كانت تفي مكان الكل.

[يا لطبيعة النساء التي رأيناها تفوق الرجال خلال سيرة هذه القديسة في الصراع الواحد من أجل الخلاص. فأوضحت لنا أن التمييز بين الرجل والمرأة إنما جسديًا فقط وليس بالنسبة للروح!]

أود أن أذكر بعض الحقائق المشهورة بوجه عام عن هذه القديسة، وإن كانت مبادئها المسيحية قد دعتها لإخفاء ما تمتعت به…

انقلاب عربتها

يُذكر عنها أخوها أنها قاربت الموت، لكنها شفيت بطريقة معجزية بشدة ثقتها في الله القادر على كل شئ. يروي أخوها أن بغال عربتها المجنونة أسرعت فأدت للأسف إلى انقلاب العربة بها، وأصيبت بجراحٍ خطيرةٍ. لقد تهشمت وألمّت بها كدمات شديدة، سببت لها نزيفًا داخليًا، ورفضت أن تستدعي الطبيب بسبب حيائها. حقًا إن الألم كان يفوق البشر، فصار جرسًا لمن يأتي بعدها، فيرون أعلى درجات الإيمان وسط الألم، والصبر وسط التجربة. إنما رأفة الله لأمثال هذه القديسة فائقة للغاية. انتهى الأمر بأن صُعق الرجال لفقدان الأمل في شفائها.

تحقق الوعد البديع: "إذا سقط لا ينطرح، لأن الرب مسند يده" (مز24: 37). ويضاف إليه: "مع أنه قد تهشم أو كسر تمامًا لكنه سريعًا ما يقوم ويتمجد" (مز8: 146 الترجمة السبعينية). لأنه إن كانت نكبتها غير منطقية فشفاؤها كان فائقًا.

شفاؤها من مرضٍ عضال

يقول أخوها القديس غريغوريوس النزينزي:

[تعرضت لمرض عضال، مرض خبيث أصاب كيانها كله بحمى شديدة، فكانت تشعر بدمها يغلي في عروقها، وأصيبت بشللٍ ذهنيٍ، وأيضًا بألمٍ في أطرافها. ومجمل القول أن الأطباء قد عجزوا عن شفائها، وأيضًا دموع ذويها وتضرعات المحيطين بها لم تجدِ. وقد كانت سلامتها تعني سلامة أحبائها المحيطين بها، والعكس أيضًا فمعاناتها ومرضها كان يُعد نكبةً عامة.

المسيح (مت20: 9) … اقتربت من الهيكل بإيمان ونادت إلهها المهوب بصرخة قوية متذكرة أعماله العظيمة معها سابقًا. وذرفت دموع غزيرة كالمرأة التي أغرقت رجليه بالدموع ذات يومٍ (لو38: 7). تناولت من جسد الرب ودمه الكريم… ويا للعجب فقد شعرت في الحال أنها قد تعافت، وأُنقذت من المرض، فصار جسدها ونفسها وروحها في حالة سليمة تمامًا… لتمسكها بالرجاء اكتسبت قوة جسدية بسبب قوتها الروحية.

حقًا أن هذه الأمور عجيبة لكنها حقيقية. أرجو أن تصدقوها، وقد كشفتها لكم بعد صمتها عن الإفصاح عنها أثناء حياتها. وجاء تسجيلي لهذه القصة حتى لا تظل مثل هذه الأعجوبة أو المعجزة العظيمة في طي الكتمان.]

استعدادها للرحيل

يقول القديس غريغوريوس النزينزي:

[هنا أتكلم عن موتها وما تميزت به وقتئذٍ لأوفيها حقّها… اشتاقت كثيرًا لوقت انحلالها، لأنها علمت بمن دعاها وفضّلت أن تكون مع المسيح أكثر من أي شيء آخر على الأرض (في23: 1).

تاقت هذه القديسة إلى التحرر من قيود الجسد والهروب من وحل هذا العالم الذي نعيش فيه. والأمر الفائق بالأكثر أنها تذوقت جمال حبيبها المسيح إذ كانت دائمة التأمل فيه.

كانت تعلم مسبقًا ساعة رحيلها عن هذا العالم، الأمر الذي ضاعف من فرحتها. ويبدو أن الله أعلمها به حتى تستعد ولا تضطرب حينئذٍ.

قضت كل حياتها تغتسل من الخطية وتسعى لإدراك الكمال. ونالت موهبة التجديد المستمر بالروح القدس، وصارت ثابتة فيه بحسب استحقاق حياتها الأولى…

لم تغفل عن التضرع من أجل زوجها أيضًا حتى يُدرك الكمال، وقد استجاب الله لطلبتها إذ أرادت أن يكون كل ما يمت لها بصلة في حالة الكمال الذي يريده الله منا، فلا يكون شيء ناقصًا أمام المسيح من جهتها.

وإذ جاءت النهاية أدلت بوصيتها لزوجها وأولادها وأصدقائها كما هو المتوقع من مثل هذه القديسة المحبة للجميع.

كان يومها الأخير على الأرض يوم احتفال مهيبًا، ولا نقول أنها ماتت شبعانة من أيام بني البشر، فلم تكن هذه رغبتها، إذ عرفت أنها أيام شريرة تلك التي بحسب الجسد وما هي سوى تراب وسراب. وبالأحرى كانت شبعانة من أيام الله … وهكذا تحررت، بل الأفضل أن نقول أنها أُخذت إلى إلهها أو هربت أو غيرت مسكنها أو أسلمت وديعتها عاجلاً.

في وقت نياحتها خيّم صمت مهيب، وكأن مماتها كان بمثابة مراسيم دينية.

رقد جسدها وكأنه في حالة شلل بعد أن فارقته الروح، فصار بلا حراك.

لكن أباها الروحي الذي كان يلاحظها جيدًا أثناء هذا المنظر الرائع شعر بها تتمتم واسترق السمع، وإذ به يسمعها تتلو كلمات المرتل: "بسلامة اضطجع أيضًا وأنام" (مز8: 4). مبارك هو من يرقد وفي فمه هذه الكلمات!

هكذا ترنمتِ أيتها الجميلة بين النساء، وصارت الترنيمة حقيقة. ودخلتِ إلى السلام العذب بعد الألم، ورقدتِ كما يحق للإنسانة المحبوبة لدى الله التي عاشت وتنيحت وسط كلمات الصلاح.

كم ثمين هو نصيبكِ! إنه يفوق ما تراه العين في وسط حشدٍ من الملائكة والقوات السمائية، إنه مملوء بهاءً ونقاوة وكمالاً!

يفوق كل هذا رؤيتها للثالوث القدوس، فلم يعد ذلك بعيدًا عن الإدراك والحس اللذان كانا قبلاً محدودان تحت أسر الجسد.

أرجو أن تقبل روحك هذا المديح مني كما فعلت مع أخي قيصريوس. فقد حرصت على النطق بالمديح لاخوتي.]

Butler, December 9.

جورجونيوس الشهيد

كان جورجونيوس ضابطًا في جيش الإمبراطور دقلديانوس في نيقوميديا. وحُكِم عليه بالموت هو وزميل له اسمه دوروثيؤس Dorotheus لأنه اعترض على اضطهاد أحد المسيحيين واسمه بطرس. وبعد استشهاده أُخذ جسده ودُفن في مدينة روما.

Butler, September 9.

جورجونيوس وبطرس ودوروثيئوس ومكسيما الشهداء

حين كان الإمبراطور دقلديانوس مقيمًا في نيقوميدية بآسيا الصغرى بلغه أن بعض رجال قصره قد صاروا مسيحيين. فأتى بأوثانه وأمر الجميع بتقديم القرابين لها، فرفض المسيحيون بشدة وكان أولهم بطرس أحد رجال جناحه، والذي وردت سيرته في هذه السلسلة تحت "بطرس ورفقاؤه".

Butler, March 12.

جوردياس الشهيد

يحتفل الغرب كما اليونان بعيده في 3 يناير. قدم لنا القديس باسيليوس الكبير في رثاء له بقيصرية عرضًا لآلامه: كما سجل شاهد عيان ما احتمله الشهيد.

كان مواطنًا في قيصرية كبادوكية، وكان قائد مئة في الجيش.

عندما أصدر جاليريوس منشوره ضد الكنيسة في الشرق سنة 303م ترك جوردياس وظيفته، وانطلق إلى البرية حيث صار يمارس عبادته وسط الوحوش المفترسة. قضى عدة سنوات في البرية، لكنه لم يشعر بالراحة في داخله، بل كان مرّ النفس. فالكنائس في قيصرية هُدمت، وتشتت الكهنة، وبعض المسيحيين أطاعوا المنشور والبعض استشهدوا. عادت المدينة إلى الوثنية، وفقد الملح طعمه.

التهب قلب القديس بنار الغيرة، فترك البرية وعاد إلى بلدته.

في أحد الأيام لاحظ أن ساحة المسرح العامة ازدحمت بالجماهير التي جاءت لترى سباقات الخيل والمركبات تكريمًا للإله مارس Mars إله الحرب، وقد حضر اليهود مع الأمم والمسيحيين لمشاهدة السباقات، هذا وقد تُرك العبيد أحرارًا للاشتراك في هذا الاحتفال، وأُغلقت المدارس لنفس الغرض.

ظهر فجأة أثناء السباق شخص يلبس مسوحًا، لحيته طويلة، ووجهه وذراعاه قد احترقت من الشمس، وكان نحيفًا جدًا بسبب الصوم. صرخ الرجل بصوتٍ عالٍ:

"لقد وُجدتُ من الذين لم يطلبونني.

وأعلنت ذاتي لمن لم يسألوا عني ".

تحولت كل الأنظار إليه، وصارت صرخة مدوية من كل الحاضرين حين اكتشفوا أنه قائد المئة جوردياس. فرح المسيحيون إذ رأوا ذاك المؤمن الأمين في وسطهم، أما الوثنيون فصرخوا متضايقين لأنه اعترض مسار السباق.

لم يُبالِ أحد بالخيول والمركبات فقد توجهت كل الأنظار إلى جوردياس، سواء الذين اشتاقوا إلى رؤيته أو الذين كانوا في سخطٍ وغضبٍ لما فعله.

توقفت كل الموسيقى، وصار صمت في ساحة المسرح، فالكل يريد أن يفهم ماذا يُريد هذا الرجل!

اُقتيد الرجل إلى حيث كرسي الحاكم الذي كان حاضرًا السباق. وسُئل جوردياس عن شخصه وسرّ مجيئه.

روى جوردياس قصته أنه مواطن من هذه المدينة، وكشف عن شخصه وعائلته، ووظيفته كقائد مئة، وأنه ترك وظيفته وهرب. وأكمل حديثه قائلاً للحاكم: "لقد عدت لأعلن إني لا أبالي بمنشوراتك، وإني أضع رجائي وثقتي في يسوع المسيح وحده".

اغتاظ الحاكم جدًا لأنه أفسد الجو الخاص بالاحتفال، ولأنه أعلن موقفه من المنشورات بجسارة، فأمر بتعذيبه…

ترك الكل أماكنهم وتجمهروا حول المحكمة، وجاءت الجماهير من كل المدينة لترى ما يحدث. يقول القديس باسيليوس الكبير أن الجماهير كانت تتدفق كالنهر نحو موضع الاستشهاد. جاء الأشراف مع العامة، وترك الناس بيوتهم مفتوحة، وترك التجار محال تجارتهم وعملائهم، وصار السوق فارغًا تمامًا واندفع الكل ليروا هذا الرجل. حتى النساء جئن على عجلة وقد غفلن عن ارتداء الملابس اللائقة بالاحتشام خارج المنزل، ونسي المرضى أمراضهم وأوجاعهم وجاءوا أيضًا إلى المشهد.

حاول أقرباء القائد أن يثنوه عما يفعله، طالبين منه أن يعتذر للحاكم لأنه أساء إلى دين الدولة، أما هو فكان يرشم نفسه بعلامة الصليب، محتملاً العذابات بفرح، من جلدٍ بالسياط واستخدام الحصان الصغير والحرق بالنار والتقطيع بالسكين، وأخيرًا قطعت رأسه.

جورديان الروماني وأبيماخوس السكندري الشهيدان

يُذكر عن أبيماخوس انه استشهد في مدينة الإسكندرية حوالي سنة 250م حين أُلقى في جيرٍ حيٍ هو وشخص يدعى ألكسندر Alexander، وذلك بعد أن عُذب عذابات شديدة بسبب إيمانه. ثم نُقل جسده إلى مدينة روما. واستشهد جورديان في مدينة روما بقطع رأسه، ووضع جسده في نفس القبر مع أبيماخوس.

Butler, May 10.

جورديانوس الشهيد

استشهد في الثالث عشر من سبتمبر سنة 314م أثناء حكم الإمبراطور ليسينيوس Licinius، وكان مقربًا من الإمبراطور ومحبوبًا منه. ولكن حين تحوَّل ليسينيوس إلى مُضطَّهِد للكنيسة، نُفِي جورديانوس إلى سكيثيا Scythia حيث حُكِم عليه بالموت حرقًا.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 697.

جورديوس الشهيد

من الشهداء العسكريين تحت حكم ليسينيوس Licinius سنة 314م. ولد بقيصرية في كبادوكيا Caesarea in Cappadocia وكان قائدًا عسكريًا حين أمر ليسينيوس بطرد كل المسيحيين من مراكز القيادة في الجيش. فضَّل جورديوس اعتزال الجندية عن التبخير للأوثان، ثم فَرَّ إلى الصحراء، وهناك اشتعلت فيه شهوة الاستشهاد بكل قوة.

في يوم الاحتفال بعيد الإله مارس Mars أتى جورديوس إلى مكان الاحتفال في المدينة حيث لَفَت شكله ولباسه أنظار الموجودين. أمام الجميع أعلن إيمانه وصرخ فيهم: "وُجِدت من الذين لم يطلبونني، وعُرِفت من الذين لم يَسْعوا إليَّ". في الحال قُبِض عليه وعُذِّب ثم حُكِم عليه بالموت.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 699.

جورياس وساموناس وأبيبوس الشهداء

هؤلاء الشهداء الثلاثة من مدينة الرُها بسوريا، عاشوا حوالي القرن الرابع الميلادي، وبعد استشهادهم وُضعت أجسادهم في إحدى الكنائس هناك.

في الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور دقلديانوس، اعتُقِل جورياس وساموناس ووضعا في السجن. ولما رفضا التبخير للأوثان عُلقا من إحدى أيديهما ورُبطت أثقال في أرجلهما، ثم أُلقيا في جب وتُركا بدون طعام لمدة ثلاثة أيام. ولما أخرجوهما كان جورياس قد قارب الموت، أما ساموناس فتعرض لتعذيبٍ شديدٍ، لكنه لم يحد عن إيمانه، فقطعوا رأسيهما بحد السيف ونالا إكليل الاستشهاد.

بعد ذلك بفترة، اختفى أبيبوس الشماس في مدينة الرُها من اضطهاد ليسينيوسLicinius، لكنه عاد وسلم نفسه، مشتهيًا أن ينال إكليل الاستشهاد. عرض عليه القائد الذي سلم نفسه له أن يعيد التفكير ويهرب لينجو بحياته، لكن القديس رفض العرض، فحُكم عليه بالحرق.

صحبه إلى موضع تنفيذ الحكم أمه وبعض أقاربه، وقبَّلهم القديس قبلة السلام قبل أن يلقوه في النيران. بعد ذلك اخذوا جسده - الذي لم يتأثر بالنار - ووضعوه بجوار جسدي صديقيه جورياس وساموناس.

Butler, November 15.

جوستا وروفينا الشهيدتان

كانت جوستا وروفينا متبتلتين مسيحيتين تعيشان بمدينة سيفيليا بأسبانيا، وكانتا تعملان بالتجارة لتدبير احتياجاتهما المادية. وفى إحدى المرات تهجم عليهما الوثنيون لأنهما رفضتا بيع بعض الآنية لهم لكي ما يستخدموها في عبادتهم. فما كان من الشهيدتان إلا أن كسرتا تمثال الوثنيين.

اشتكاهما الجمع للحاكم الذي سألهما عن دينهما، فاعترفتا بالسيد المسيح. أمر الحاكم بربطهما على لوح وتمزيق جنبيهما بالخطاطيف، كما أمر بإقامة تمثال للآلهة بجوارهما لعلهما ترجعان عن إيمانهما وتقدمان العبادة له، لكنهما ثبتتا على إيمانهما ولم يرهبا التعذيب.

استشهدت جوستا على اللوح وأمر الوالي بشنق روفينا، ثم حرق جثتيهما. وكان استشهادهما حوالي سنة 287م.

Butler, July 19.

جوسوينوس الشهيد

صبي شهيد في روما سنة 176م، ويقال أنه من مواليد تيوتون Teuton وأتى إلى روما إما بسبب العمل أو بسبب العبودية. من غير المعروف أي شئ عن حياته وسيرته، وتذكره الكنيسة الغربية في الثاني والعشرين من شهر مايو.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 717.

جوفنتينوس وماكسيمينوس الشهيدان

كان هذان الشهيدان من ضباط الإمبراطور يوليانوس الجاحد. وفى أثناء حملته ضد بلاد فارس اعترضا على القوانين الصادرة ضد المسيحيين، مفضلين الاستشهاد عن رؤية تدنيس المقدسات المسيحية.

وحين أُخبر الإمبراطور بأمرهما أرسل في طلبهما، وإذ رأى عدم إمكانية التأثير عليهما أو قبولهما التبخير للأوثان أمر بتعذيبهما ثم بقطع رأسيهما في السجن في إنطاكية، وذلك في 25 يناير سنة 363.

تقدم المسيحيون وسرقوا جسديهما، معرضين بذلك حياتهم للخطر. وبعد موت يوليانوس في فارس في 26 يونيو شيَّد المسيحيون قبرًا تخليدًا لذكراهما.

وفى تذكار استشهادهما ألقى القديس يوحنا ذهبي الفم عظة تمجيدًا لعمل الله معهما.

Butler, January 25.

جوفيتا وفستينوس الشهيدان

كان القديسان فستينوس وجوفيتا الشهيدان أخوين من أصل شريف من مدينة براشيا Brescia بإيطاليا.

كرزا بالمسيحية بكل شجاعة وقوة بلا خوف بينما كان أسقف المدينة أبولونيوس مختبئًا.

كانا يفتقدان المؤمنين المختفين بسبب اضطهاد أدريان الملك، ليعزيانهم ويثبتانهم في الإيمان، ويقدمان لهم احتياجاتهم. سمع الأسقف بأمرهما، وإذ تأكد من تصرفاتهما، قام بسيامة فستينوس كاهنًا وأخيه جوفيتا شماسًا، وذلك أثناء اختبائه في البرية.

عادا إلى المدينة يكرزان ويشجعان المؤمنين علانية. سمع الوثنيون من مدن أخرى وجاءوا يسمعون لهما، واعتمدوا كما اعتمد أغلب شعب المدينة الوثني. وقد أثارت كرازتهما أحد أشراف المدينة ويُدعى بتاليكوس، فمضى إلى الملك أدريان الذي كان حينئذ بجوار مدينة براشيا، وسقط عند قدميه وهو يقول له:

"سيدي الملك.

لقد سقطتَ يا سيدي الملك!

أنت ومملكتك في خطرٍ عظيمٍ من قبل شخصين مسيحيين هما من أشر الناس.

لقد صمما أن يُحطما كل ذكرٍ للآلهة العظيمة في المملكة ".

اضطرب الملك جدًا، وجعل بتاليكوس واليًا، وأعطاه سلطانًا ليحارب عن الآلهة في براشيا، ويبيد كل ذِكر للمسيحيين هناك. فقبض عليهما وعذبهما.

بأمر الملك أُحضر الأخوان إلى هيكل الشمس للاشتراك في العبادة الوثنية، لكن ما أن دخلا أمام الصنم الذهبي حتى صار لونه أسود كالفحم، فأمر الملك بغسل التمثال، فانسحق وصار رمادًا.

اتهمهما الملك بالسحر وأمر بطرحهما للوحوش الجائعة، لكن الوحوش أنست بهما، وكان القديسان يداعبانها.

صار شقاق بين الملك والشعب بسببهما، وانفتح باب الساحة وخرجت الوحوش لتفترس الناس، لكن القديسين أمرا الوحوش أن تخرج إلى البرية ولا تؤذي أحدًا، فآمن كثيرون بالسيد المسيح، من بينهم كالوسيروس أحد العظماء في البلاط الملكي. أصدر الملك أمره بحرقه بالنار، لكن النار لم تؤذِه، وبعد أيام استشهد.

سيق القديسان إلى ميلان ثم روما ثم نابولي، وأخيرًا أعادهما إلى مدينتهما براشيا. ويقال أنهما أثناء رحلتهما هذه عمَّدوا كثيرين من الوثنيين.

ولما لم يثنهما التهديد أو التعذيب عن ثباتهما في الإيمان، أمر الإمبراطور هادريان - الذي تصادف مروره بمدينة براشيا - بقطع رأسيهما.

تعتبرهما مدينة براشيا شفيعين وحاميين لها، ويُعتقد أن جسديهما موجودان فيها.

Butler, February 15.

جوفينال الأسقف

القديس جوفينال هو أول أسقف يُسام على مدينة نارني Narni.

كان في الأصل طبيبًا وكاهنًا، أتى من الشرق إلى مدينة نارني حيث استضافته امرأة اسمها فيلادلفيا. سيم جوفينال أسقفا عليها.

فى أحد الأيام أثناء مروره على معبدٍ وثنىٍ، ضربه كاهن وثني بسيف في فمه لأن الأسقف رفض تقديم الذبائح لآلهته. فأمسك الأسقف بالسيف بقوة بين أسنانه، والكاهن الوثني في محاولة منه لاسترداد السيف جذبه بقوة، فقطع به عنقه. وكانت النتيجة أن آمن كل الوثنيين الواقفين بالمسيح.

وفى السنة الخامسة لحبريته أحاطت جيوش من ااـ Ligurians وSarmatians بالمدينة، فصعد القديس إلى سور المدينة وأخذ يصلي من أجل مدينته ويرتل المزمور 34. وما كاد أهل المدينة يقولون آمين في نهاية صلاته حتى هبت عاصفة رعدية شديدة وسيول أهلكت 3000 جنديًا من الأعداء، وبذلك نجت نارني من الهلاك.

جلس جوفينال على كرسيه مدة سبع سنوات، وتنيح في سنة 376م.

Butler, May 3.

جوكوندوس الشهيد

من شهداء أفريقيا واستشهد سنة 203م. وقد ورد ذكره في أعمال الشهيدين بربتوا وفيليسيتاس على أنه قد استشهد حرقًا في نفس الاضطهاد.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. III, page 467.

جوليا الشهيدة

نشأتها

وُلدت جوليا - التي يعني اسمها بهيجة أو بهجة - في مدينة قرطاجنة (تونس) في شمال أفريقيا من والدين مسيحيين غنيين في الروحيات والجسديات، فقد كانا من أثرياء بلدتهما، ويمتلكان من الأراضي والخدم والممتلكات الشيء الكثير. لم تغرِهم الأرضيات عن اقتناء الفضائل الروحية، ولم ينسيا فقراء بلدتهم، بل كانا يعطفان عليهم. وقد اختارا لجوليا معلمين مسيحيين قديسين، فحفظت المزامير، وواظبت على قراءة الكتاب المقدس وحضور القداسات.

أسرها

دخل هونريكس ملك الفنداليين الأريوسي مدينة قرطاجنة، وفتك بالأرثوذكس، لاسيما أغنياءهم وشرفاءهم، واستأسرهم ونساءهم وبنيهم. وهدم رجاله ما وجدوه، وسرقوا الأموال وسَبَوا الصبيان والبنات، ومن بينهم كانت جوليا.

عرضوا المسبيين للبيع في سوق الرق، فاشترى جوليا رجل سوري وثني يدعى أوسابيوس، أخذها وسار بها إلى سوريا. وهكذا وجدت جوليا نفسها تخدم رجلاً وثنيًا بعد أن كانت تخدمها خادمات كثيرات، وصارت عبدة بعد أن كانت حرة، لكنها تذكرت كلام بولس الرسول: "أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد، بخوفٍ ورعدةٍ في بساطة قلوبكم كما للمسيح، لا بخدمة العين كمن يرضي الناس، بل كعبيد المسيح، عاملين مشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس، عالمين أن مهما عمل كل واحد من الخير فذلك يناله من الرب عبدًا كان أم حرًا (أف5: 6 - 9). فصارت تخدم سيدها بفرحٍ، ثم تختلي في حجرتها لتصلي وتسبح.

رأى أوسابيوس ذلك في جوليا فاحترمها وقدَّرها واعتبرها كنز بيته وبركة منزله، كثيرًا ما كان يقول: "إنني اختار أن أفقد كل مالي ولا أخسر أمتي جوليا".

استطاعت القديسة أن تمارس عبادتها في حرية جهارًا، ولم يمنعها عن ذلك سيدها، فكانت تقرأ في الكتاب المقدس يوميًا وتمارس الصوم والتقشفات الجسدية بكل حرية، وفي كل هذا لم تتوانَ عن خدمة سيدها بكل إخلاص. وقد حافظ هو على عفة عبدته ولم يمسها بسوء، فكانت قدوة في كل أمورها حتى مدح فضيلتها كل من رآها ومدحوا ديانتها وكرموا إلهها. غير أن جوليا كانت تضع أمام عينيها أنه في يومٍ ما سوف يُعرَض عليها السجود للأوثان واعتناق ديانتهم، فوضعت أمام عينيها صورة ربنا يسوع المسيح المصلوب من أجل العالم، واعتقدت في نفسها أنها سوف تقدم نفسها ودمها من أجله.

استشهادها

أراد أوسابيوس السفر إلى جزيرة كورسيا التي كان أهلها لازالوا وثنيين، فأخذ معه جوليا مع كثيرٍ من أعوانه لتقوم بخدمته. وعندما رست السفينة عند شاطئ الجزيرة نزل أوسابيوس مع قوم من خدامه ودخل هيكل الأوثان، أما جوليا فمكثت في السفينة وأخذت تسجد وتصلي للسيد المسيح أن يحفظها من كل دنس ويثبتها ويؤازرها في وسط هؤلاء الوثنيين. وبينما هي تسجد وتصلي وتبكي من أجل عمى قلوب الوثنيين، دخل إلى السفينة خدام أمير الجزيرة فيليكيوس ليروا بضاعة أوسابيوس، فوجدوا القديسة على هذه الحال. سألوا الملاحين عن هذه الفتاة، ولماذا لم تدخل معبدهم، فأجابوهم أنها أسيرة أوسابيوس التاجر، وهي تدعى مسيحية وتستهزئ بعبادة الأوثان.

ذهب هؤلاء الخدم إلى أميرهم واخبروه بما سمعوا، فاستحضر الأمير أوسابيوس وسأله عن جوليا، فأجابه قائلاً: "إنها عذراء مسيحية فاضلة جدًا وعلى درجة من الإخلاص لا تساويها من الفتيات واحدة، لكن لم أستطع أن أستميلها لعبادتنا".

قال له الأمير: "يجب عليك أن تُلزمها بإكرام آلهتنا أو تبدلها بأخرى وتبيعني إياها".

أجاب أوسابيوس قائلاً: "لا أستطيع أن أفعل أحد هذين الأمرين، ولو قدمت لي كل أموالك فإنها عندي لا توازي ثمن هذه العبدة المسيحية، بل إني مستعد أن أخسر كل مالي ولا أدعها تخرج من عندي".

فكر الأمير في حيلة ليخطف القديسة، فصنع وليمة عظيمة ودعا إليها أوسابيوس، ووضع أمامه من المأكولات والمشروبات الشيء الكثير حتى سكر وغاب عن وعيه، وأرسل فأخذ جوليا واستوقفها أمامه، وطلب منها أن تذهب إلى المعبد لتقدم الإكرام والسجود للآلهة: واعدًا إياها بإطلاق سراحها بعد ذلك.

أجابته القديسة قائلة: "إني مادمت أخدم سيدي وإلهي يسوع المسيح فأنا حرة، ولست أعرف على الأرض سواه ولا يوجد إله غيره، أما آلهتك فلا أعرفها ولا أعبدها، بل أرفضها من كل قلبي، لأنها ليست إلا أصنامًا لا تسمع أو حيوانات لا تنطق".

غضب الأمير وأمر أن تُعلق من شعرها فعُلِّقَت وشرع الجلادون يضربونها بالعصي حتى كادت تموت، أما هي فكانت لا تسكت عن قولها: "يا ربي يسوع المسيح أعني".

خاف الأمير أن ينتبه أوسابيوس من نومه ويخلصها من يديه، فأمر أن تُسمر على الصليب لتموت مصلوبة، فصارت تهتف قائلة:

"لتكن مباركًا يا إلهي وسيدي يسوع المسيح الذي أهَّلتني أن أموت مثلك ومن أجلك مصلوبة على خشبة الصليب.

أسألك يا إلهي بحق دمك الطاهر الذكي أن تنظر بعين رحمتك إلى هذا الشعب الجالس في ظلام الموت، وتغفر لهم وتنير عليهم بنور الإيمان بك ".

صلبوها على خشبة، وماتت متأثرة بجراحها ونزيف دمها. انتبه أوسابيوس وأدرك ما حدث فحزن حزنًا شديدًا على ما حدث، لكنه لم يستطع أن يفعل شيئًا.

شعر الذين صلبوها بخوفٍ شديدٍ فتركوها. وفي أثناء ذلك ظهر ملاك الرب لمجموعة من المتوحدين الأتقياء في جزيرة مجاورة تدعى غرغونا، وأخبرهم أن يذهبوا إلى جزيرة كورسيكا ليأخذوا جسد الشهيدة القديسة. حضروا إلى الجزيرة واخذوا الجسد بكل احترام، وتحققوا سيرة هذه الشهيدة العفيفة من ذلك الرجل الغني ونقلوها إلى ديرهم، وكان ذلك في الثاني والعشرين من شهر مايو سنة 439 م.

وفي القرن الثامن نُقِل جسدها إلى البندقية بإيطاليا وبُنِيت كنيسة على اسمها، وتعيِّد الكنيسة الغربية بتذكار استشهادها في 22 مايو.

الشهيدات فيفيان، كريستين، جوليا، جوليت، أوجيني. صفحة 29.

جوليان الشهيد

كان جوليان يعيش في القرن الثالث ويعمل جنديًا في الجيش، وكان يعرف كيف يمارس عمله كجندي بينما يحيا بحسب وصية الإنجيل.

حين أعلن كريسبين Crispin والى منطقة فيينا الاضطهاد على المسيحيين، هرب جوليان من المدينة. ولكن حين سمع أن المُضطهِدين يسعون وراءه، عاد وأسلم نفسه إليهم قائلاً: "لقد عشت كثيرا في هذا العالم الشرير، والآن أريد أن أكون مع السيد المسيح". حين قال هذا هجموا عليه وقطعوا رأسه بقرب مدينة بريود Brioude. وقد بنيت بعد ذلك كنيسة في نفس المكان، كانت مزارًا للكثيرين، وقد تم فيها الكثير من المعجزات.

Butler, August 28.

جوليان أو يوليان الأنطاكي الشهيد

لا نعلم الكثير عن سيرة هذا الشهيد أو عن زمن وظروف استشهاده، لكن نعلم أنه من كيليكية Cilicia، وأن جسده نُقل في وقت ما إلى مدينة إنطاكية، ولهذا يلقب بالأنطاكي.

يُقال أنه تعرض لكل أنواع العذاب التي وجدت في زمنه، وأن عذاباته استمرت حوالي سنة كاملة، وكان معذبوه يجولون به في مدن كيليكية المختلفة ويعذبوه ليكون عبرة للمسيحيين. وفى النهاية وضعوه في كيس مملوء بالعقارب والحيات السامة وألقوه في البحر. ولسنا نعلم متى كانت هذه الأحداث أو كيف تم اكتشاف جسده.

ألقى القديس يوحنا ذهبي الفم عظة عنه، تكلم فيها عن الكثير من المعجزات والعجائب التي حدثت من جسده المقدس، مثل إخراج الشياطين، كشاهدٍ لمجد هذا الشهيد وقوة إيمانه.

Butler, March 16.

جوليان أويوليان وباسيليسا الشهيدان

قصة زوجين عاشا حياة البتولية يمارسان عبادتهما ويقودان النفوس لحساب ملكوت الله حتى نالا إكليل الشهادة حوالي سنة 304م.

وقد وردت سيرتهما في هذه السلسلة تحت "باسيليسا ويوليان".

Butler, January 9.

جوليان يوليان وكرونيون وبيساس الشهداء

أثناء الاضطهاد الذي قاده الإمبراطور داكيوس، ضعف بعض أهالي الإسكندرية - خاصة الأغنياء وموظفي الدولة - وبخروا للأوثان نتيجة للخوف.

وفى المقابل، كان البعض الآخر، كما يشهد البابا ديونيسيوس السكندري في رسالته إلى فابيان، أقوياء، راسخين في الإيمان، ثابتين في الرب، نائلين منه قوة الإيمان وشاهدين لمملكته. وفى مقدمة هؤلاء رجل شيخ اسمه جوليان، كان مُصابًا بداء النقرس حتى أنه لم يكن يستطيع أن يمشى أو يقف.

اُعتُقل جوليان هو والممرضان اللذان كانا يسندانه في تحركاته. في الحال أنكر أحدهما الإيمان، بينما اعترف الآخر واسمه كرونيون وأيضًا جوليان نفسه بالسيد المسيح. فحُملا على الجمال وطيف بهما في أنحاء المدينة وسط الجموع المحتشدة حتى أُلقيا في لهيب النار المتقدة، فاستشهدا حوالي سنة 250م.

كان أحد الجنود الواقفين واسمه بيساس، يمنع تهجم الجموع على الشهيدين أثناء سيرهما، كما كان يحرس أجساد الشهيدين ويمنع اعتداء الغوغاء عليهما، مما أثارهم عليه، فكان نصيب جندي الله الشجاع هذا أن قُطعت رأسه.

Butler, February 27.

جوليان أويوليان سابا القديس

عاش جوليان سابا في زمن الإمبراطور فالنس، متوحدًا في مغارة في Osrhoene بجوار نهر الفرات وممارسًا نسكًا شديدًا، حيث كان يأكل مرة واحدة كل أسبوع.

بعد طرد ميليتوس أسقف انطاكيا طلب إليه المؤمنون في المدينة سنة 372م أن يأتي إليهم ويدحض الهرطقات، فأجابهم على ذلك حيث حققت زيارته هذه ثمارًا كثيرة. وبعد انتهاء مهمته عاد إلى مغارته وتنيح بعد ذلك بفترة قصيرة حوالي سنة 377م.

يعيد له الغربيون في 17 يناير، وإليه ينسبون عمل الكثير من المعجزات.

Butler, January 17.

جوليان وثيؤدولس الشهيدان

عاش القديسان بقيصرية فلسطين واستشهدا سنة 309.

وردت سيرتهما في هذه السلسلة تحت "ثيؤدولس ويوليان".

Butler, February 17.

جوليان أويوليان وقيصاريوس الشهيدان

كان جوليان كاهنًا مسيحيًا، استشهد في تيراسينا Teracina بإيطاليا مع قيصاريوس الشماس من أفريقيا، وسترد سيرته في هذه السلسلة في حرف "ق" تحت "قيصاريوس وجوليان (يوليان) الشهيدان".

Butler, November 1.

جوليانا أويوليانا العذراء والشهيدة

إيمانها

كان والداها من أشراف أهل مدينة نيقوميديا. وكان أبوها أفريقيانوس وثنيًا، أما والدتها فكانت تحتقر عبادة الأوثان.

تعرفت يوليانا على الإيمان المسيحي، والتهب قلبها بمحبة الله فاعتمدت وعزمت على الحياة البتولية.

كانت مؤمنة حكيمة وقويمة السلوك، كتب عنها العلامة أوريجينوس واصفًا حياتها الروحية العالية. استقبلته في دارها أثناء الاضطهاد الروماني وعالته وخدمته وقدمت له احتياجاته من الطعام والكتب، واستفادت من عمله الروحي في فترة اختبائه في دارها.

الوزيس يطلب يدها

طلبها الوزيس Evilasius أحد قضاة المدينة ليتزوج بها فوافق والداها، أما هي فحاولت أن تعتذر له. إذ بدأ يكشف لها عما في قلبه من نحوها، قالت له أنها لن توافق به ما لم يصر حاكمًا للمدينة وقاضي قضاتها. وبسبب جمالها الفائق وحبه الشديد لها دفع مبلغًا كبيرًا لينال هذه الوظيفة، وأرسل يخبرها بما حدث. أجابته أنها مسيحية ولن تتزوج إنسانًا غير مسيحي. اضطر الوزيس أن يخبر والدها بما قالته.

تحقق الوالد من الأمر، وإذ عرف أنها مسيحية هددها بإلقائها للوحوش المفترسة. لكنها لم تخف، فصار يضربها حتى كادت تموت، ثم أرسلها إلى ألوزيس حاكم المدينة.

حوار مع الوزيس

إذ رآها الحاكم في حال يُرثى لها ازداد حبه لها وصار يلاطفها، ودار بينهما الحوار الآتي:

ما هو الذي سحركِ، وجعلك مسيحية؟

وكيف نسيتِ ما قد تكلفته من مالٍ لكي أتزوج بكِ؟

وما هو الذي صدر مني حتى تبغضيني؟

لم أقصد إلا أن يريكَ الله ضلال عبادتك الوثنية، لأني أعلم برفعة شأنك وأنك بصفاتك الحميدة تستحق أسمى المراتب، غير أني أطلب منك شيئًا واحدًا، وهو أن تنكر عبادة الأوثان التي هي غاية الجهل والحماقة، وبرهان النفاق؛ وتعبد الإله الحقيقي.

ألا تدرين بأني إذا صرت مسيحيًا أخسر أموالي، وأُطرد من منصبي، وأفقد حياتي!

إن كنت تخافِ من ملك أرضي قابل للموت، فكيف لا أخاف أنا من أن أغضب الملك السماوي غير القابل للموت بأعظم إثم!

اعلم إني مسيحية، وسأبقى مسيحية على الدوام.

اضطهادها

إذ لم ينل الحاكم مناله باللطف بدأ يستخدم وسائل العنف والتعذيب. تقدم ستة من أعنف الجنود وجلدوها بالسياط حتى خارت قوتهم، ثم علقوها من شعر رأسها… أما هي فكانت تردد: "يا سيدي يسوع المسيح ابن الله أعنّي".

عاد إلى محاولة استخدام اللطف فلم تلنْ، فأمر بسكب نحاس مغلي عليها… ثم إرسلها إلى السجن.

هناك حاربت الشيطان وجهًا لوجه وانتصرت عليه، حينما تشبه بملاك من نور محاولاً إقناعها بالعدول عن تشبثها بإيمانها لكي تخضع لمشيئة أبيها بالجسد والحاكم الذي يعذبها. من أجل ذلك تصورها الأيقونات القديمة وهى تربط شيطانًا مجنحًا بالسلاسل.

مزقوا لحمها بمخالب حديدية، وأُلقيت في إناء به ماء مغلي موضوع على النيران ولم يضُرها.

أخيرًا نالت إكليل الشهادة بقطع رأسها حوالي سنة 305م.

Butler, February 16.

جوليتّا الشهيدة1

أصدر الإمبراطور دقلديانوس قرارات في سنة 303م فيها اُعتبر المسيحيون محرومين من حماية القانون ومن حقوقهم المدنية. وكانت القديسة جوليتا أرملة غنية تعيش في قيصرية كابدوكيا، وكانت تمتلك مزارع ومواشي وعبيدًا كثيرين.

استطاع أحد الرجال الأقوياء في مدينتها اغتصاب جزء كبير من أملاكها. ولما لم يستطع الدفاع عن موقفه أمام الحاكم، اتهمها بأنها مسيحية.

أمرها القاضي بتقديم العبادة للإله زيوس، لكنها ردت عليه بشجاعة قائلة:

"يمكنك أن تأخذ كل أملاكي وتعطيها للغرباء،

أو أن تقطّع جسدي وتأخذ حياتي،

لكنني لن أنطق بكلمة واحدة تهين الله الذي خلقني،

وإذا أردت أن تأخذ مني قطعة من أرض هذا العالم فسأكسب السماء عوضًا عنها ".

بدون تردد أمر القاضي بتقديم كل أملاكها للمُدعى عليها، كما أمر بموتها حرقًا. فقُدّمت إلى النار، وسارت نحوها القديسة بشجاعة ودخلت فيها وتنيحت قبل أن يحترق جسدها، ودفنها المسيحيون.

في سنة 375م كتب القديس باسيليوس عن رفاتها: "إنه يُغني ببركات كثيرة المكان المدفون فيه وكل من يأتي لزيارته، حتى أن الأرض التي احتضنت جسدها تَفجّر منها ينبوع ماء حلو بينما كل آبار المنطقة حولها ماؤها مالح، وهذا الماء له قوة لشفاء المرضى".

Butler, July 30.

جوليتّا الشهيدة2

استشهدت جوليتّا العذراء مع دوروثيئا Dorothea بقيصرية في كبادوكيا Caesarea in Cappadocia، وذلك سنة 306م. وتذكرها الكنيسة الغربية في الثلاثين من شهر يوليو.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. III, page 526.

جوليتّا أو يوليطة وقرياقوس الشهيدان

راجع قرياقوس وجوليتّا (يوليطة) في حرف "ق".

Butler, June 16.

جوليوس أو يوليوس وهارون الشهيدان

استشهد القديسان يوليوس وهارون في إنجلترا حوالي سنة 304، أثناء الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور دقلديانوس على الكنيسة.

يُقال أن هذين الشهيدين، مع مجموعة أخرى من الشهداء والشهيدات لا تُعرف أسماءهم، قد ذاقوا أنواعًا وأهوالاً من العذابات لم تُعرف من قبل، وأخيرًا نالوا جميعًا إكليل الاستشهاد.

Butler, July 3.

جوليوس أويوليوس ورفقاؤه الشهداء

كان يوليوس جنديًا، قدمه قائد كتيبته للمحاكمة أمام مكسيموس حاكم ولاية ديروستورُم Durostorum في بلغاريا بسبب إيمانه المسيحي، وكان قد سبقه إلى الاستشهاد جنديان من نفس كتيبته، هما باسيكراتِس Pasicrates وفالنتيو Valentio.

استخدم معه القاضي التهديد أحيانًا والوعود أحيانًا أخرى، فكان رد يوليوس دائمًا أنه لا يريد شيئًا سوى أن يموت من أجل السيد المسيح ليحيا معه إلى الأبد، فحُكم عليه بقطع رأسه.

في طريقه إلى ساحة الاستشهاد، لقيه الجندي المسيحي هيسيخيوس Hesychius الذي كان هو أيضًا مُعتقَلاً واستشهد بعد يوليوس بعدة أيام، فخاطبه قائلا: "تقدم بشجاعة يا يوليوس واذكرني أنا المزمع أن أتبعك أمام خادميّ الرب باسيكراتِس وفالنتيو، اللذين من أجل اعترافهم باسمه القدوس سبقانا إلى السيد المسيح". فاحتضن يوليوس زميله هيسيخيوس ورد عليه قائلاً: "أخي الحبيب، أسرع بالمجيء إلينا، وتأكد أن باسيكراتِس وفالنتيو يسمعاننا الآن".

ربط يوليوس منديلاً على عينيه، وقدم رأسه للسياف قائلا:

"ربي يسوع، يا مَن مِنْ أجلك أتقدم للموت،

اقبل روحي إليك مع مصاف قديسيك ".

وكان استشهاده يوم 27 مايو من سنة 302م، بعد يومين من استشهاد باسيكراتِس وفالنتيو.

Butler, May 27.

جوليوس أو يوليوس الأول

جلس الأسقف (البابا) يوليوس الأول على كرسي روما خلفًا للأسقف مارك (مرقس) سنة 337م. وفى العام التالي عاد البابا أثناسيوس الرسولي إلى كرسيه بعد أن كان منفيًا بسبب الأريوسيين. لكن وجد البابا أثناسيوس نفسه مُقاوَمًا من دخيل أريوسي، فرض نفسه على كرسي الإسكندرية بدعم من يوسابيوس أسقف نيقوميديا.

بطلب من أتباع يوسابيوس، عقد البابا يوليوس مجمعًا لدراسة الموضوع، ولكن العجيب أن من دعوا إليه لم يحضروه. فكتب البابا يوليوس رسالة إلى يوسابيوس وأتباعه، رد فيها على اتهاماتهم لأثناسيوس واحدة فواحدة. ثم انعقد مجمع في سارديكا (صوفيا) برأ فيها البابا أثناسيوس من التهم الموجهة إليه، ومع ذلك لم يرجع أثناسيوس إلى كرسيه إلا سنة 346. وفى طريق عودته مرَّ على روما حيث استقبله البابا يوليوس ورحب به، وكتب رسالة إلى شعب الإسكندرية ليهنئهم بعودة باباهم.

وأخيرًا تنيح في 12 إبريل سنة 352م.

Butler, April 12.

جونا أو يونا وبِريكجيسو الشهيدان

هذان الشهيدان من فارس، كانا ضمن مجموعة كبيرة من شهداء الاضطهاد الذي أثاره الملك الساساني شابور الثاني Sassanian Shapur II.

قبض عليهما جنود الملك بسبب تشجيعهما للمسيحيين المعتقلين، ولم تفلح أية محاولات لتحويلهم عن المسيحية سواء بالتهديد أو الترغيب. أخيرًا قطعوا أعضاء جونا، ثم عصروه في معصرة حتى استشهد، أما بِريكجيسو فسكبوا قطرانًا ملتهبًا في حلقه. وكان استشهادهما حوالي سنة 327م.

The Penguin Dictionary of Saints, Second edition page 200.

جوناس أو يونا وباراخيسيوس الشهيدان

يروي إشعياء قصة الشهيدين كشاهد عيان، كان خادمًا للملك سابور الثاني.

ذلك أنه في السنة الثامنة عشرة من مُلك سابور الثاني ملك فارس، بدأ اضطهاد مرير ضد المسيحيين. فلما سمع يونا وباراخيسيوس الراهبان أن الكثير من المسيحيين قد صدر عليهم الحكم بالموت في هوباهام Hubaham ذهبا ليشجعاهم على الثبات في الإيمان. ولما استشهد تسعة منهم قُبض على يونا وباراخيسيوس وقُدِّما للمحاكمة.

بدأ المحقق بمهادنتهما طالبًا منهما أن يخضعا للملك وأن يعبدا الشمس، فردا عليه بأنهما يفضلان طاعة ملك السماء والأرض الذي لا يموت على طاعة ملك أرضي. فوضعوا باراخيسيوس في زنزانة ضيقة، بينما ألقوا يونا على وجهه وتحت منتصف جسمه قطعة خشب حادة ثم ضربوه بالعصي، وكان يصلي طول الوقت، فأمر القاضي بإلقائه في بحيرة مثلجه.

فى محاولة للتأثير على باراخيسيوس أخبروه بأن أخاه قد بخر للأوثان، فرد قائلاً بأنه لا يصدق أنه قدم عبادة للنار المخلوقة، ثم أخذ يتحدث عن قوة الله وعظمته حتى قال بعضهم لبعض إن تركه ليتحدث بهذا المنطق أمام الجماهير قد يؤثر على الكثير منهم ويدفعهم للإيمان بالمسيحية، لذلك صدرت الأوامر أن تتم محاكمته مساءً، وأخذوا يعذبونه في أثناء ذلك.

في الصباح أحضروا يونا من البحيرة وسألوه عن حالته، فرد قائلاً انه منذ ولادته إلى الآن لا يتذكر أنه اختبر مثل هذا السلام الذي اختبره بالأمس، إذ استطاع أن يختبر شركة آلام المسيح. ولما حاولوا إخباره أن صديقه قد تراجع وبخر للأوثان قاطعهم قائلاً إنه يعلم أن صديقه قد نبذ الشيطان وملائكته منذ زمنٍ طويلٍ.

في محاولة أخيرة منهم حذروه من أن يمضى من العالم مرفوضًا من الله والإنسان. رد عليهم يونا إن الحكمة تقتضي أن نبذر الحبوب على الأرض لا أن نخزنها، فحياتنا مثل البذرة التي نزرعها لتقوم في العالم الآخر حيث يجددها السيد المسيح ويحفظها إلى حياة أبدية.

أعادوا تعذيبه مرة أخرى، وأخيرًا عصروا جسمه بين ألواح خشب حتى تفجرت عروقه ثم قطعوا جسمه بمنشار إلى نصفين وعينوا حراسًا ليمنعوا المسيحيين من أخذ جسده.

بالتخلص من يونا، التفتوا مرة أخرى إلى باراخيسيوس ناصحين إياه أن يحافظ على سلامة جسمه. فرد قائلاً إنني لم أخلق جسمي ولن أهلكه، لكن الله هو الذي يحافظ عليه وهو الذي سيحاكمكم أنتم وملككم. فعُذب مرة أخرى، وأخيرًا استشهد بأن القوا في فمه قار ساخن وكبريت.

عند سماع نبأ استشهادهما، تقدم أحد أصدقائهما وابتاع جسديهما بخمسمائة دينار، وكان ذلك حوالي سنة 327م.

Butler, March 29.

جونيلاّ الشهيدة

استشهدت في لانجرِس Langres سنة 189م، وتذكرها الكنيسة الغربية في السابع عشر من شهر يناير.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. III, page 535.

جيتوليوس وسيراليس ورفقاؤهما الشهداء

كان جيتوليوس - زوج القديسة سيمفوروزا Symphorosa - ضابطًا في الجيش الروماني أثناء حكم تراجان وهادريان الإمبراطورين.

بعد إيمانه بالسيد المسيح اعتزل الجندية، وسكن في ضيعة جابي Gabii في منطقة سالين Saline بالقرب من روما. هناك عاش محاطًا بمجموعة من المسيحيين، حيث كان يعلمهم ويشجعهم.

فى أحد الأيام أتى سيريالس Cerealis مندوب الإمبراطور ليعتقله بسبب إيمانه.

إذ بلغ مسكن جيتوليوس دار بينهما الحوار التالي:

ألم تسمع أوامر الإمبراطور؟

ولماذا يلزم طاعة أوامر الإمبراطور؟

بلى، إخبرني ولماذا لا تُطاع؟

حسنًا! لنناقش الأمر معًا.

تعال يا إنسان! هات يدك ولنقدم ذبيحة للآلهة.

يلزمنا أن نعبد الله، ابن الله، ملك الملوك، الذي يليق أن يطيعه الكل أكثر ممن هو مائت.

ماذا، هل للَّه ابن؟

بالتأكيد إنه ذاك الذي كان وهو كائن، لأنه هو البدء.

كيف أتأكد أن كلماتك صادقة؟ اثبت لي أن ابن الله هو الله.

أعرف ذلك أنه حق، لأن كلمة الله، الله ذاته تجسد ليس من إنسان، بل هو مولود من الله في أحشاء العذراء مريم وذلك بعمل الروح القدس. وقد أعلن الحق للبشر، مؤكدًا هذا بآيات عجيبة كثيرة، جعل الخرس يتكلمون، والصم يسمعون، وشفى البرص.

إذ طال الحديث عن شخص السيد المسيح وتأكيد أن كلمة الله المتجسد لا ينفصل عن الله، لأنه واحد مع كلمته، وأن تجسده كشف عن حب الله الفائق للبشرية، دُهش سيراليس.

قدم جيتوليوس أخاه أمانتيوس Amantius الذي كان قد اختفى بسبب الاضطهاد، وكان محاميًا عامًا tribune وصديقًا شخصيًا لسيراليس. فرح سيرليس بلقائه مع صديقه، وتحدث جيتوليوس وأخوه مع سيراليس عن نبذ العبادة الوثنية من أجل الإيمان بالله وكلمته المتجسد يسوع المسيح.

قبل سيراليس الإيمان، وعِوض رجوعه إلى روما مقيدًا جيتوليوس في سلاسل، جلس عند قدميه ينصت إلى الحق الإنجيلي، وبعد قليل نال سرّ العماد وتمتع بالإفخارستيا.

إذ غاب طويلاً أرسل رؤساؤه رجلاً من البلاط يبحث عنه، فعاد إلى روما يخبرهم بأنه صار مسيحيًا.

حين علم الإمبراطور بتحول سيريالس ومعموديته، أمر بالقبض على الرجال الثلاثة وتقديمهم للموت ما لم يقبلوا ترك المسيحية. وإذ جاهر الثلاثة بإيمانهم بقوة أُلقوا في السجن في تيفولى لمدة سبعة وعشرين يومًا، عُذبوا أثنائها عذابات كثيرة. أخيرا حوالي سنة 124م، استشهدوا إما بقطع رؤوسهم أو بالحرق، واستشهد معهم مسيحي آخر اسمه بريميتيفوس Primitivus. وأخذت القديسة سيمفوروزا أجسادهم ودفنتها.

Butler, June 10.

Berling - Gould: The Lives of the Saints.

جيرفاز وبروتاس الشهيدان1

يعتبر الشهيدان جيرفاز وبروتاس من أوائل شهداء مدينة ميلان الإيطالية. وقد حدثت معجزات كثيرة بواسطة جسديهما كما يذكر القديس أمبروسيوس أسقف المدينة.

والقديسان هما أخان توأمان لاثنين من الشهداء أيضا هما فيتاليس Vitalis وفاليريا Valeria. وقد بدأ تعذيبهما في زمن نيرون Nero وذلك بعد حوالي عشر سنوات من استشهاد أبيهما، فضُرب جيرفاز حتى الموت بينما قُطعت رأس بروتاس. وقد سبق لنا الحديث عنهما (حرف ب).

جيرفاز وبروتاس الشهيدان

يُحتَفَل بهذه العذراء الشهيدة في الأول من أكتوبر، وقد اسشهدت في القرن الخامس الميلادي في المكان المسمى حاليًا مونت سان جيرمان Mont - Ste. - Germaine بفرنسا.

تقول سيرتها أنها كانت شماسة، وأنها استشهدت على يد البرابرة Vandals حين أتوا إلى فرنسا، وأن جسدها المقطوع الرأس دُفِن بكنيسة القديس اسطفانوس.

A Dictionary of Christian Biography, Vol. II, page 653.

جيروم القديس

هو القديس إيرونيموس الذي يُعد من أعظم آباء الغرب في تفسيره للكتاب المقدس. وقد وردت سيرته في هذه السلسلة تحت "إيرونيموس".

Butler, September 30.

جيريون ورفقاؤه الشهداء

في حوالي سنة 286 استشهد ثلاث مجموعات:

هذا القديس مع رفقائه الـ 318 في زمن الاضطهاد الذي أثاره الإمبراطور ماكسيميان ضد المسيحيين، وذلك في مدينة كولونيا Cologne.

في نفس الوقت كان اضطهاد القديس فيكتور (بقطر) St. Victor ورفقائه الـ 330 الشهداء في Xauten.

وفي بون Bonn بألمانيا استشهد القديسين كاسيوس Cassius وفلورنتيوس Florentius مع عدد كبير من الشهداء.

يبدو أن هؤلاء الشهداء كانوا عبارة عن مجموعات انفصلت عن الكتيبة الطيبية، مجموعة في مدينة كولونيا، ومجموعة أخرى في Xauten على نهر الرون Rhine، وقد نالت هاتان المجموعتان بركة العذابات، في نفس الوقت الذي تعرض فيه القديس موريتوس ومجموعته للعذابات في Agaunum بسبب مسيحيتهم.

لما وجد مكسيميان أن عدد قواته قد انخفض، أرسل يطلب تعزيزات من شمال أفريقيا Mauritania، ولما علم أن القوات الجديدة مُصابة أيضًا بالمسيحية قدم مذبحة جديدة إذ أمر بقتلهم، وضُمت رفاتهم إلى رفات القديس جيريون وزملائه.

في القرن الثالث عشر اُكتشفت رفاتهم وتمت معجزات خلالها. وقام الراهب Froimont بالكتابة عنهم في شيء من التفصيل.

عند توسيع الكنيسة في Xauten في عام 1284 وُضعت أساسات في أماكن لآثار مقابر قديمة ووجدت كمية ضخمة من العظام معًا، غالبًا ما كانت رفات للمجموعة التي استشهدت في ذلك الموضع، وقد كُرمت هذه الرفات.

أما أسماء الشهداء فكما جاء في مخطوط للقديس جيروم بأن "الله وحده الذي يعرف أسماءهم".

وقد أقامت الملكة هيلانة كنائس فوق أماكن اكتشاف أجسادهم في كولون وبون.

Butler, October 10.

جيسليمييه الشهيد

هو أحد جنود الكتيبة الطيبية، التي كان كل أفرادها من قائدها الأعلى إلى أصغر جندي فيها من المسيحيين الأمناء. وسترد سيرة الكتيبة الطيبية في حرف "ش" تحت: "شهداء الكتيبة الطيبية".

أما جيسليمييه فكان آنذاك في مدينة جوليا بشمال إيطاليا. أمسك به جنود الإمبراطور وساموه أنواع العذاب إلى أن نال إكليل الشهادة. وقد تحول اسم المدينة إلى بورجو سان دودينو، وفيها إلى الآن حجر مُغطَّى بدماء هذا الشهيد إلى جانب قبره الذي كُتِبت فوقه العبارة التالية: "هنا يرقد بسلام البطل الطيبي الشهيد جيسليمييه".

يُعتبر هو والقديس دومنينوس معًا القديسين الحارسين لهذه المدينة ".

السنكسار الأمين، 15 بابه.

جينتيانوس وفيكتوريانوس وفوسكيانوس الشهداء

كان جينتيانوس وثنيًا أحب الله والتصقت نفسه بمخلصه يسوع المسيح خلال كرازة صديقيه، وسرعان ما صار شهيدًا محتملاً عذابات لا حصر لها من أجل إيمانه.

التجأ كل من فيكتوريانوس وفوسكيانوس إلى Amirns عند جينتيانوس حيث كرزا له بالإيمان بالسيد المسيح. أُلقى القبض على الثلاثة ووُضعت في آذانهم أسياخ حديدية، ومسامير ملتهبة في جماجمهم، وفقأوا أعينهم، وصوّبوا نحوهم الرماح، فلم يهتز إيمانهم. لم يسمح لهم الرب بالموت ليكونوا شهداء له.

في النهاية قُطعت رؤوسهم في حوالي عام 303م.

توجد رفات لهم في Amirns، وأجزاء في S. Quentin، وأخرى في كنيسة نوتردام في Beaugency في إيبارشية أورلينز.

يُعيد لهم الغرب في 11 ديسمبر.

Baring - Gould: Lives of the Saints, December, 11.

جيناديوس الأول أسقف القسطنطينية

كان أسقفًا على القسطنطينية (458 - 471م)؛ ومفسرًا.

قبل اختياره للأسقفية هاجم جيناديوس بعنف تعاليم القديس كيرلس الكبير الخاصة بطبيعة السيد المسيح.

استلم بعد سيامته خطابًا من بابا لاون يثيره ضد البابا السكندري تيموثاوس أوليروس.

عقد مجمعًا عام 459 تقريبًا لمحاربة السيمونية (سيامة الكهنة أو الأساقفة بدفع مبلغ من المال).

عظاته مفقوده فيما عدا بعض فقرات من هجومه على القديس كيرلس، محفوظة في كتابات Facundus of Hermaine. بعض فقرات من تفاسيره محفوظة في catenae.

Leo the Great: Letter 170; Gennadius: Lives of Illustrious Men, 89 (90).

جيناديوس كاهن مارسيليا

كاهن من مرسيليا في أواخر القرن الخامس (توفى عام 496).

وضع في قلبه أن يكمل العمل الذي قام به القديس جيروم "حياة مشاهير الآباء De viris illustribus" واتبع نفس روحه في الكتابة.

ويلاحظ عليه:

ا. أنه عمل ضئيل غير منظم، أقل أهمية من عمل القديس جيروم. لكننا لا نقدر أن ننكر أن له إضافات غاية في الأهمية، حتى يمكننا أن نحسبه جزءً ثانيًا لعمل جيروم.

ب. شمل عمله 99 فصلاً حيث استمر إلى عام 495م، خاتمًا كتابة بفصل آخر عن كتاباته هو.

ج. كان جيناديوس نصف بيلاجي، وقد ظهر ذلك في انطباعاته على وصفه وتعليقاته بصورة أو أخرى، ومع ذلك يُعتبر رجلاً واسع الاطلاع.

أعماله الأخرى مفقوده فما عدا Liber ecclesiasticorum dogmatum. الذي نُسب خطأ للقديس أغسطينوس.

القمص تادرس يعقوب ملطي: الآباء الرسوليون 1995، ص24.

جينولف أوجينو الأسقف

أتى جينولف مع أبيه جينيتوس Genitus من روما في القرن الثالث، ليكرزا بالإنجيل في بلاد الغال (فرنسا). واستقرا في إحدى المدن عدة شهور حيث آمن الكثيرون بالمسيح، وهناك بنيا كنيسة. ثم توحدا على ضفاف نهر ناهون Nahon، وأخيرًا تنيحا بسلام حوالي سنة 250م بعد أن أحاط بهما العديد من التلاميذ.

Butler, January 17.

جينيسيوس المهرج الشهيد

في مجيء الإمبراطور دقلديانوس إلى روما اُستقبل بمظاهر الحفاوة والترحاب. ومن ضمن برنامج الترفيه الذي أُعِد له، رتب أحد المهرجين واسمه جينيسيوس أن يُقلِّد طقوس المسيحيين في المعمودية، عالمًا أنها لابد أن تُعجب الجمهور الذي كان ينظر إلى المسيحية بطقوسها وأسرارها نظرة ازدراء وتهكُم.

استلقى جينيسيوس على المسرح ممثلاً المرض، ثم نادى قائلاً: "يا أصدقائي أشعر بحمل ثقيل جاثمًا فوقى وأريد أن أتخفف منه".

أجابه الممثلون الآخرون: "ماذا نفعل لكي نخفف عنك؟"

قال جينيسيوس "أريد أن أموت مسيحيًا حتى يقبلني الَّله في هذا اليوم كأحد المؤمنين به".

أتوه بكاهن ممثل، وسأل جينيسيوس عن سبب طلبه له. وهنا أضاءت نعمة الَّله بصيرة جينيسيوس فرد قائلاً بحق وليس تمثيلاً: "لأني أريد أن أتقبل نعمة السيد المسيح بالميلاد الجديد حتى أُغسل من جميع خطاياي". ثم أكمل بقية الممثلين طقس المعمودية حسب المعتاد، بينما كان جينيسيوس يجاوب على كل أسئلتهم حقيقة وليس تمثيلاً.

أخيرًا، استكمالاً للتمثيلية، أتى ممثلون آخرون يلبسون ملابس الجنود وأخذوا جينيسيوس ليوقفوه أمام الإمبراطور ليحاكمه كمسيحي. وهنا وقف جينيسيوس على المسرح وتكلم بالصدق قائلاً:

"استمعوا يا جميع الحاضرين الآن إليّ، فإني دائمًا كنت احتقر المسيحية والمسيحيين، وحين تعلمت طقوسها وأسرارها كان هدفي هو زيادة تمتعكم بإتقاني للتمثيل.

لكن حين كنت أستعد لتمثيل المعمودية أمامكم الآن، رأيت فوق رأسي مجموعة من الملائكة يقرأون من كتاب كل خطاياي منذ طفولتي حتى الآن، ثم غمسوا هذا الكتاب في ماء المعمودية التي أُعِدت لأتعمد فيها أمامكم، وإذا به يصير أبيض من الثلج.

لذلك فإني أدعوك أيها الإمبراطور مع جميع الحاضرين أن تؤمنوا بالسيد المسيح الإله الحقيقي، فهو النور والحقيقة، وبه ننال مغفرة خطايانا ".

دُهِش دقلديانوس من هذا الكلام وأمر بضرب جينيسيوس وتعذيبه حتى يبخر للأوثان. فعذبوه بتقطيع جنبيه وبحرقه بالنار، فكان يزداد صراخًا:

"ليس إله إلا يسوع المسيح، لن أعبد سواه حتى ولو اضطررت أن أموت آلاف المرات.

لن يَنزع التعذيب اسمه من فمي أو قلبي.

إني آسف على كل إهانة وجهتها إلى اسمه المبارك، وعلى كل وقتٍ ضاع مني دون أن اخدمه فيه ".

وأخيرًا قتلوه بقطع رأسه.

Butler, August 25.

جينيسيوس الشهيد

كان جينيسيوس موعوظًا مسيحيًا يعيش في مدينة آرل Arles، يعمل كاتبًا رسميًا في الدولة، وكان يدون كثير من محاكمات الشهداء المسيحيين. وبلغ من براعته وسرعته في الكتابة أنه كان يستطيع تسجيل كلام المتهم والقاضي والشهود في آن واحد.

في أحد الأيام إذ كان يعمل في محكمة المدينة أمام القاضي، أن قُرئ منشور أرسله الإمبراطور لاضطهاد المسيحيين في أنحاء المملكة، فرفض جينيسيوس تسجيل هذا الكلام، وقام من مكانه وألقى بلوح الكتابة من يده عند قدمي القاضي، وهرب سرًا من المدينة.

وإذ أراد تثبيت إيمانه بأن يتعمد أرسل إلى الأسقف طالبًا نوال هذه النعمة. ولكن الأسقف - ربما لأنه هو نفسه كان معتقلاً في ذلك الوقت أو أنه لم يثق في جينيسيوس لصغر سنه - أجابه أن سفك دمه على اسم السيد المسيح يغنيه عن المعمودية التي يشتهى نوالها.

أخيرًا اُعتقل جينيسيوس، وقطعت رأسه على ضفاف نهر الرون Rhone حوالي سنة 303 في زمن الاضطهاد الذي أثاره مكسيميان ودقلديانوس على المسيحيين.

Barint - Gould: Lives of the Saints; October 10.

Butler, August 25.

المحتويات

فهرس الكتاب

إضغط على إسم الفصل للذهاب لصفحة الفصل.

No items found

قاموس القديسين و الشخصيات حرف ح

قاموس القديسين و الشخصيات حرف ث

قاموس القديسين و الشخصيات حرف ج
قاموس القديسين و الشخصيات حرف ج

المحتويات